ترتبط الحرية بالإرادة، وبالإرادة يتميز الإنسان، ويسعى إلى الحرية ليدق أبوابها بكل يد مضرجة على حد قول شوقي أمير الشعراء الذي ينافسه على لقبه من يستحق ومن لا يستحق من العامي والفصيح!!
والإرادة من مسائل الفلسفة ومسائل العقيدة عند الفرق المختلفة والمذاهب المتشابكة، وليس كل هذا أريد.
يبدأ الإنسان عادة ما بإرادته، بشهوة داخلية أو بإغراء خارجي، ثم يكررها حتى تكون عادة تكبل إرادته الحرة، فكلما أراد الخلاص منها أوقرت في أغلاله، وهذه العادة قد تكون من الأعمال المباحة المتعلقة بالحياة اليومية من النوم والاستيقاظ، واللباس والطعام والشراب، وقد تكون من الأعمال المكروهة أو المحرمة على درجات متفاوتة مثل التدخين وأشباهه، والمخدرات وأنواعها والملاهي مثل النرد وغيره. وحتى عندما يتحقق الإنسان من الخطر المحدق به من تلك العادة التي كبلت إرادته بإرادته وسلبت حريته ووضعته في سجن متنقل أو حتى زنزانة متجولة فإنه يعجز عن فتح باب حريته، ويظل يدق بابه حتى تتكسر يداه فضلاً عن أن تتضرج بدمه!!
أبسط هذه العادات أو من أكثرها انتشاراً التدخين الذي نشطت الحملة على تشجيع المتورطين فيه لتركه مع استقبال شهر رمضان المبارك!!
ولماذا رمضان؟ رمضان عبادة تكسر العادة، عادة النوم والاستيقاظ، والطعام والشراب، والعمل، فتتحرر فيه الإرادة من القيود النفسية الداخلية للعادات المباحة منها والمحظورة، وبذلك تتيح لأي شخص يريد أن يتغير فرصة ذهبية لا تتكرر إلا مرة واحدة، فتأتي بصورة غير عادية، فما على الإنسان إلا أن يستمر في انطلاقته من دون تهاون ليتخلص من أغلاله.
إن حافز العبادة المبني على الإيمان الصادق، واليقين المؤكد، يجعل منها عاملاً مساعداً لتفعيل الإرادة الإنسانية؛ لذلك ينبغي على العاملين في الجمعيات القائمة على مكافحة التدخين وما شاكله من المصائب تنمية الجانب العبادي في التخلص من تلك العادات وتقوية الشعور الإيماني الداعي إلى ترك كل عمل ضار قلّ ضرره أم كثر! ولولا هذا الجانب الإيماني ما كان للمسلمين أن يتركوا الخمرة في بداية الإسلام عندما نزل قوله تعالى: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}، ولا يزال هذا الجانب هو الذي يقلل من انتشار الخمر وغيرها من المحرمات في المجتمعات المسلمة.