في هذه الصيفية الطويلة قرأت عدداً من الكتب الخفيفة. من الصعب طبعاً تحديد معنى كلمة خفيفة. خفيفة بالنسبة لي تعني قراءة كتاب يمكن الاستغناء عنه. حتى هذا التعريف أراه مضللاً فما هو خفيف بالنسبة لك قد يراه الآخر خطيراً يغير مسار حياته. وحتى نتفق على كلمة خفيفة أعرض عليكم بعض تلك الكتب التي قرأتها. يهمني منها هنا اثنان. الأول عن الجن والثاني عن السحر.
كتاب السحر لفت نظري أكثر. لم أقرأ في الموضوع كتاباً يتفوق على شمس المعارف غير هذا الكتاب. موضوعه ذو وجهين: يُعلِّم قارئه السحر ويُعلمه كيف يفك السحر. يعني يجرح ويدواي. فكاك رباط. بإمكان قارئه أن يفتح عيادتين متقابلتين أو في حارتين مختلفتين بدوامين. الصباح يكون في خنشليلة والعصر يكون في حلة بن نصار. زبائن الصباح يراجعونه العصر. يصير منشار.
ينسب المؤلف السحر في عمومه إلى أصحاب ديانة الوكا. ويعرف دين الوكا بأنه أقدم الديانات على الأرض ويسترسل في ذلك إلى أن يقلب رأسك. طبعاً إذا جئت إلى الكتاب مرعوباً فسوف يجد ضالته فيك. فالمؤلف يتكلم بثقة مفرطة وكأنه يتكلم عن حقيقة ماثلة أمامك. ثقة تكفيه أن يستحوذ على أي إنسان تتملكه روح الخرافة. يضع المؤلف كل الشروط والمعطيات لتعلم السحر والاستفادة منه. ليست بعيدة عن خزعبلاتنا المحلية ولكنها أكثر دقة وتنظيماً. وكما يضع عادة أهل الخرافات شروطاً تعجيزية يضع المؤلف شرطاً من الصعب تجاوزه. يقول إن أي ساحر يجب أن ينتقل إلى دين الوكا حتى تفتح له مغاليق هذا الفن. إلا أن هذا الدين ليس ديناً تبشيرياً. دين لا يريد أصحابه مزيداً من المريدين وليسوا على استعداد أن يخبروا أحداً باعتناقهم لهذا الدين. ثم يضع بعض التوسلات والأدعية والطقوس والممارسات الدقيقة التي تساعد الراغبين على إقناع مشايخ ديانة الوكا بقبولهم. مؤلف هذا الكتاب مثله مثل بعض ربعنا يدّعون محاربة السحر وهم أكثر الناس ترويجاً له. فهؤلاء يحاربون ممارسة السحر ولكنهم في الوقت نفسه يرسخون هيبة وقوة السحرة في عقول العامة.
أما كتاب الجن فلا يختلف عن سابقه في الاتكاء على العقل الخرافي عند القارئ. رغم أن الثقافة الغربية تجاوزت الخرافة منذ أن قضت على سلطة الكهنة ورجال الدين إلا أن الروح الخرافية العامة مازالت تجد نفسها في قلوب المحبطين والمهزومين في صراعهم مع الواقع. من الواضح أن هناك علاقة ثقافية (على الأقل) بين كتابي السحر والجن؛ فالمؤلفان لا يربطان السحر بالجن كما نفعل نحن في ثقافتنا الفلوكلورية.
في النهاية أحذر الإخوة الذين تخصصوا في شتم الكتاب والصحفيين في الإنترنت أو في موقع (الجزيرة) أو الذين يغتابوننا في مجالسهم أن دراستي لكتابي السحر والجن لن تذهب هباء. على قاعدة اللي تكسب به العب به. أنفذ بعض الأدعية والطقوس الواردة في الكتاب وأخليهم يغطون السنبوسة في السكر يحسبونها لقيمات.
YARA.BAKEET@GMAIL.COM