تعد الرؤى والأحلام (هناك فرق بين الرؤيا والحلم) من أكثر ما يشغل تفكير الناس، ويحرصون على تفسيرها عند مفسري الرؤى والأحلام، وهم ما يعبر عنهم قديماً (بالمعبرين)، وهذه غريزة متأصلة في النفس البشرية دون النظر إلى التعدد العرقي أو الديني أو في العمر، فجُلّ الناس يحرص على تعبير ما يراه في منامه، وبدون شك فإن أشهر من فسر وتحدث في هذا المجال في تاريخ الإنسانية هو نبي الله يوسف عليه السلام في قصته المشهورة التي حفظها لنا القرآن الكريم، كما أن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يسأل الصحابة بعد صلاة الفجر عمن شاهد في منامه رؤيا فيفسرها له، وهذا ثابت في مدونات الحديث النبوي الشريف.
وأما أشهر علماء المسلمين في التعبير والتفسير فهو التابعي الجليل محمد بن سيرين الذي توفي في آخر القرن الهجري الأول، وكان مدرسة في هذا الجانب، وقد نقلت عنه قصص وغرائب في تفسير الرؤى والأحلام. وأدعو القارئ الكريم إلى النظر في الموسوعة التاريخية البداية والنهاية، فحين تحدث عن ابن سيرين ذكر العديد من القصص عنه في تفسير الرؤى والأحلام، وهي شيقة وطريفة.
بعد هذه المقدمة المختصرة أراني بحاجة إلى أن أثير مع القارئ الكريم موضوعين مرتبطين بهذا الجانب المهم والمتأصل في حياة أغلب الناس:
الأول: تفسير الرؤى والأحلام، هل هو علم يدرس في الجامعات والجوامع، أم أنه موهبة تقذف في قلب بعض الناس كسائر المواهب، بمعنى أنه ليس علما فلا يؤخذ عن فلان أو علان، أو أنه موهبة تُطوَّر بالعلم والدراسة. وإن كان هذا الرأي صحيحاً - أي أنها موهبة تُطوَّر بالتعلم - فلم نشاهد عالماً يدرس تلامذته تفسير الرؤى والأحلام!
وقد سمعت أحد العلماء الكبار يقول إنه قرأ الكثير من كتب الرؤى والأحلام، لعل وعسى أن يفسر حلماً أو يعبر رؤيا فلم يتم له ذلك.
والغريب أنه ومع تعدد الكتب والدراسات التراثية في هذا الموضوع إلا أنها لم تناقش هذا الموضوع على أهميته في حياة الناس بجُلّ شرائحهم، ولعله لا يخفى على القارئ الكريم أن موضوعات الرؤى والأحلام نوقشت في أهم كتب المسلمين على الإطلاق وعلى رأسها أهم كتبنا بعد القرآن الكريم وهو صحيح البخاري الذي ألّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في القرن الثالث الهجري.
الثاني: أثار تفكيري وأشغل عقلي زميلنا المهندس عبد المحسن بن عبد الله الماضي حين جزم بأنه لا يستطيع أي إنسان أن يحدد هذه الرؤى والأحلام التي نشاهدها في منامنا هل نشاهدها بألوانها الطبيعية أم أنها تعرض علينا بالأبيض والأسود. الماضي لم يكن مازحاً أو متندراً حين عرض هذا الموضوع الذي يشغل الكثير من الناس. وحين سألت الزميل عبد المحسن عن سبب تفكيره في هذا الموضوع الذي بالفعل أشغل تفكيري كثيراً، وعلى ذمة المهندس عبد المحسن فلو حاول أحدهم أن يرى في منامه هل حلمه ملون أم أبيض وأسود فإنه سيستيقظ فوراً (!) وشرح هذا الأمر من وجهة نظر علمية مفادها أن هناك عقلين باطناً وظاهراً، الظاهر له دور، والباطن له دور، أحدهما أن يظل مستيقظا والآخر ينعم بالراحة مع الجسم، فهذا التفكير من صلاحيات العقل الذي لا ينام، فمتى ما تجاوز العقل الأول صلاحياته وفكر في هذا الموضوع فإنه فوراً يستيقظ من النوم ولا يظفر بجواب عن هذا الموضوع.شرح لي المهندس هذا الموضوع من وجهة نظر علمية فهمت أولها، ثم لما شرع في المصطلحات العلمية اقتصر دوري على هز الرأس والابتسامة (يعني اختصر!)
بعد هذا الحديث الشيق مع زميلي عبد المحسن سألت غير واحد من الرجال والنساء عن أحلامهم هل هي ملونة أم أبيض وأسود؟ فكلهم ولا أقول أغلبهم اتفقوا مع وجهة نظر الزميل عبد المحسن بأنه لا يمكن تحديد هذا الشيء ولم يدر بخلدهم. لكن وبعد ساعات من هذا الحوار أتى في ذهني أن كثيراً منا يرى في أحلامه أشياء ملونة مثل الأرض الخضراء، أو الدم الأحمر وغيرهما، لكن أحد المهتمين بهذا الجانب شرح لي أن الحلم ليس نظراً بالعين بل هي معلومات تخزن في الذهن أثناء النوم ويراها الإنسان بعد صحوته من النوم.أنا متأكد أني قد أكون أشغلت تفكيركم بهذا الموضوع، لكن هل يوجد من يستطيع أن يعطيني تفسيراً علمياً لهذا الموضوع؟؟
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 6288 ثم أرسلها إلى الكود 82244
للتواصل: فاكس: 2092858
Tyty88@gawab.com