من الظواهر التي أسعدت الناس واستحوذت على معظم حديثهم في مجالسهم هي ظاهرة الزواجات الجماعية التي بدأت تنتشر في مدن الوطن برغم أن بعض العادات لبعض المناطق تقف عائقاً في سبيل انتشارها والأخذ بها.
لقد كانت عاصمة البلاد (الرياض) أول المناطق التي استقبلت موسم الزواجات لهذا الصيف بإقامة حفل زواج جماعي لأكثر من 1200 شاب وشابة تلونت حياتهم الزواجية بلون الفرح البهي عندما زاد بهاء حفلهم حضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولم تكن عاصمة عسير أبها نديمة القمر بعيدة عن هذا الفرح فقد زفت وسط أفراح عمت أطراف البهاء في جنباتها أكثر من 100 عريس وها هي الجوف عروس الشمال تحتفل بأكثر من 100 من أبنائها وبناتها في عرس جماعي زغردت لهم الأفواه وصفقت لفرحتهم الجماعية القلوب ولم تكن عاصمة الفل والكادي (جازان) بعيدة عن الفرح وهي تستعد هي والرس بإقامة أعراس جماعية هذا الصيف ليكتمل عقد أكثر من 12 مدينة من مدن المملكة بإقامة الزواجات الجماعية كظاهرة تستحق الوقوف عندها، والحديث عنها والدعاء للقائمين عليها من الجمعيات والمؤسسات التي دعمتها وآزرتها وعلى رأسها المؤسسة آل البراهيم التي تدعم معظم الزواجات الجماعية ودعم الجمعيات التي تسندها في كل منطقة من مناطق بلدنا عندما بدأت الزواجات الجماعية كمبادرة أكثر من رائعة بدأها أهالي الأحساء وأهل جازان قبل عشر سنوات كان لها صدى رائع ونالت استحسان الناس ومباركتهم إلا أن هذا التوجه الصحيح في إقامة الزواجات الجماعية وبرغم من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها للتغلب على تعقيدات الحياة وعصر الغلاء الفاحش في كل شيء وتعميق التواصل بين أبناء الوطن وتقوية أواصر الود والحب والعلاقات وهم من مشارب مختلفة تذوب فيها كل علامات التفرقة والمظاهر التي ترتكز على أقدام البذخ والمبالغة برغم ظروف الكثير (إلا) أنها لم تنل دعم الكثير من المؤسسات ولم تثر في المجالس المحلية أو عند شيوخ القبائل ولم نلمس ممن اقتدى بها وأقامها ولو في صورتها المصغرة عند أبناء وبنات العائلة الواحدة بدلا من الإصرار على إقامة فرح للابن وفرح للابنة وفرح لابن الخال وفرح لابن العم فتجد أن الأسرة الواحدة كان يمكنها بالتنسيق مع كبارها وبالترتيب مع شيوخ القبيلة ونوابها إقامة عرس جماعي لأفرادها لأن أوقات الناس ومصالحهم وأعمالهم لا تسمح لأن ينتقلوا كل ليلة بين صالة وصالة هذا إذا ما علمنا بأن بعض الناس لديه في الليلة أكثر من دعوة زواج فيحتار كيف يوفق بينها ليلبي دعوة كل من دعاه إرضاء الناس غاية لا تدرك وشيم الناس تجعلهم يتجشمون الصعاب ولكن ما العمل (وقد تكاثرت الضباء على خراش)؟ ومعظم الناس لا يعذرون من يغيب وهذا من موروثنا الشعبي الفخم والذي فيه من العادات الحسنة ما ينوء المرء بحمله في عصر السرعة. لهذا يجب أن يعرف أكثرنا بأن الزواجات الجماعية من الظواهر الإيجابية الجيدة التي يجب أن تدعم إعلامياً وعبر منابر الجمعة ومن قبل شيوخ القبائل حتى تستمر بل يجب أن تدعم من قبل الأفراد الموسرين الحال ومن المؤسسات الأهلية في تقديم العون المادي والمعنوي وتقديم تسهيلات للمتزوجين خصوصاً أن بعضهم يريد أن يبني حياته بأقل التكاليف وماذا ستخسر المؤسسات إذا قدمت الهدايا وسهلت موضوع الحصول على الأجهزة المنزلية ودعمت الزواجات الجماعية من منطلق أنها فضيلة ومن أعمال البر التي يحتسب فيها الإنسان الأمر والثواب من أجل إعانة شباب وشابات من أبناء الوطن يريدون إكمال شطر دينهم خاصة أن من أهداف الزواجات الجماعية هو خفض تكاليفهم وفتح أمل عندهم لبدء حياة خالية من الهزات النفسية نتيجة لوقوعهم أسرى للديون والتكاليف المادية التي نشهد أن كثيراً من الناس ما زالوا يبالغون في حفلاتهم ببذخ دون حساب لمشاعر غير القادرين وما يترتب على هذه المبالغة من رمي نصف الطعام المعد للضيوف لأن ما يصنع من طعام يكون أكثر بكثير من عدد الحاضرين وأن معظم الناس اليوم لم يعدوا يأكلون لكثرة ما اتخموا به من الأمراض نتيجة لحياة الترف وقلة الحركة التي يعيشها معظمنا ولخطأ النظام الغذائي عندنا إضافة إلى أن المواد الكيميائية والحافظة دخلت في عناصر الغذاء واستطاعت الولوج إلى أجسادنا وخلقت لكل واحد منا مشكلات صحية جعلته يعقد صداقة مع علب الأدوية والمستشفيات للبحث عن حلول علاجية ولا حل عندنا كمنهج ديني (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) لكن - مع الأسف- قلبت الآية فنحن نأكل الوجبات الثلاث وبين كل وجبة ووجبة وجبات هذا وعفاكم.\
- خميس مشيط
fayall@gawab.com