عقود طويلة مضت على تعامل الجامعات العربية مع برامج الدراسات العليا، ومع التوسع في إنشاء الجامعات حدث توسع واضح في الدراسات العليا التي تأخذ عنهم إعداد رسالة علمية يُحكم عليها ومن ثم يُمنح صاحبها الدرجة أو تُحجب عنه.
والملاحظ عن منهجية بعض الرسائل العلمية العربية التي أُتيح لي الاطلاع على بعضها أنها تنحو نحو الإطالة وسرد المقدمات والدخول في موضوعات لا علاقة لها بالعنوان، وإقحام تفاصيل تشتت ذهن المطلع عليها.
والعجيب أن هذه الرسائل في أغلب الأحيان تُجاز ويحصل أصحابها على تقديرات عالية مما يؤكد عدم الاكتراث بالمنهج والاهتمام بالكم لا بالكيف، ومع أن هذه المشكلة يدركها كثير من أساتذة الجامعات العربية إلا أنها مستمرة وكأن شيئاً لا يحدث.
نمط بعض الرسائل العربية والمحلية، ينحو نحو الإطالة وعدم اتباع منهج علمي دقيق، ويدور حول تفاصيل مدارة ومكررة في مراجع كثيرة عدا رسائل علمية سابقة.
السؤال:
هل يعني إعداد رسالة علمية التخلي عن التفكير الإبداعي والبحث عن ثغرات صغيرة في أحداث معينة، أو بناء موضوعات جديدة والتنقيب عن ما لم يدرس والعمل على إشباعه بالبحث والتدقيق والمقارنة والخروج بنتائج مفيدة للقارئ أولاً، واثراء التجربة الإنسانية عموماً.
من هذا المنظار فإن مسألة الكم وكبر حجم الرسالة وتشتت موضوعاتها وكثرة فصولها لا تعد مسألة إيجابية، بل هي مسألة سلبية ويجب التخلص منها، وهذا لا يكون إلا بالجدية خصوصاً من المشرف وحرصه على المتابعة وتحفيز الطالب على التفكير الإبداعي، وتقديم عمل مركز غير نمطي، يخرج من دائرة التقليد.