حالما عدت من الإجازة أخذت دوري في طابور الفيمتو، قال الصديق الذي للتو طوى غبار السفر: دخلت المول الكبير ظهراً، كان الزحام فظيعاً، رغم أنّ هذه الفترة تعتبر ميتة تسويقياً، فأهل الرياض ينتعش سوقهم، باعة ومتسوقين، بعد الرابعة عصراً، أخذت عربتي كانت الطوابير طويلة أمام ماكينات المحاسبة، اشتريت نوعاً مختلفاً من التوت، أردت أن أخرج من بشت الفيمتو، كان سعر القارورة في حدود السبعة ريالات، هذا السعر يتفق مع شعاري في المساعدة في خفض الأسعار من خلال التحول إلى البدائل في كافة المواد التموينية، سألت الواقف بجانبي عن السر في هذا الزحام الرهيب، فقال لي دون أن يلتفت: إنّه الفيمتو ... القارورة بريالين وخمسة وتسعين هللة فقط!!
كأنني أفقت من النوم، نظرت إلى زجاجات التوت البديلة، أزحتها جانباً, وواصلت الوقوف في الطابور لم أتعوّد أن أضيِّع حقي، لكن الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي شراء الناس بضائع كثيرة، كافة العربات ممتلئة بكل شكل وكل لون، باستثناء الفيمتو فقد كان يخرج من تحت كاونتر المحاسب، زجاجتان لكل زبون، ضحكت في داخلي كم تساوي الأرباح مقابل هذه السلعة التي قد تباع بسعر التكلفة؟
الصديق العزيز المولع بمراقبة مؤشر السوق، كان بجانبي في المقهى، بعد جولته في المول التجاري، قال وهو يضحك - تخيّل تحوّل الفيمتو إلى ما يشبه الوباء أو الهدية التي من المفروض أن تصل إلى كل مواطن، فقد لجأت كافة المولات والبقالات الكبيرة والصغيرة، إلى تقديم أسعار خاصة لهذا المشروب الرمضاني، هناك من يبيع أربعة بعشرين ريالاً (لازم تشتري أربعة!) وهناك من يبيعه بثلاثة ريالات وهناك المول المولع بالدقة البالغة فهو يعرض الزجاجة بـ (4.99) وعادة ما يكون من نصيب كل مواطن زجاجة أو زجاجتان، وبعض هذه المحلات تقدم تخفيضات خجولة على الموالح الرمضانية وأبرزها علبة الكويكر التي يتصدّرها فلاح أمريكي مولع بشوربة الشوفان مثله مثل روائي أمريكا الذائع الصيت صاحب رواية (السيد في حقول الشوفان) وهناك من يبيع المكرونة.
قال وهو يتناول فنجان الشاي ضاحكاً بأسى: إذا رأيت طابوراً في مول تجاري أو بقالة فاعرف أنّ خلف ذلك الطابور ما ذكرناه آنفاً ..... اشرب الشاي!!