ها أنت وقد استعدت وحدتك (وهل غادرتك) ولم تبقَ لك غير الكتابة ولم تحب سواها، وليس لك غيرها في هذا الزمن الذي سميت (أنت السارد والشخصية في آن) هذا المراوغ ذئب البراري.. الذي قدر لك لكي تواجهه (وهل باستطاعتك أن تواجهه) لقد كنت وحدك كما كتب عليك أن تكون منذ أن خلقت إلى أن تموت براءتك الأولى التي يريدون تشويهها (لعلهم شوهوها) فيك بعض من دون كيشوت (أتحارب طواحين هواء؟ أتتحدى نفسك؟) لا تملك الإجابة عن ذلك ومن أين لك أن تجيب ومن بمقدوره أن يجيب؟ فيك بعض من أبي ذر وقد تآكلت خلاياه بحلم لم يتحقق، قاده إلى المنفى! هل يؤديان بك إلى ذلك أيضاً؟ قال السارد: أويت إلى كهف أحاورها وكل ما حولي نار وفتنة حتى من أقرب المقربين إلي.
يبتعدون عن مشاعري بسنوات ضوئية ولم أجد منهم غير الويل والثبور!
هذه إساءتهم الجارحة آثارها في النفس باقية ولم أجد أمامي من يمكنني أن ألجأ إليه أحكي ألمي الصادي الذي يصول ويركض.. نار حارقة ومنذ الأبدية حتى الآن لم أجد من يفتح لي صدره الحاني.. كيف أبكي بكائي الراعف.. مما يفعله السفهاء.. الآن أدرك منفاه أدرك حالته.. أراه كما أراني وحيداً وليس أمامي غير الكتابة ولا شيء سوى الكتابة أتساءل الآن هل كان يمكنني أن أكون شخصاً آخر (أقصد السارد) أكان يمكن لو خيروني أن أكون غيري؟ هذه الأسئلة وغيرها شائكة وحادة لعلها أيضاً شرسة سأترك الإجابة عنها للزمن.. إن أحيا إنسانيتي..
هذه المشاعر التي تسكنني وتملكني والتي ليس سواها كي ما أكون أنا ولا أحد سواي، هذا الزمن أثبت أن الأمل ضئيل.. أدخل عالمي كوني الحميم الذي ليس باستطاعة أحد أن يكشف أسراره.. إنه لي وحدي ولن يستبيحه أحد..
أمي تقول لي قلب المؤمن دليله.. ها أنت وحدك ملوحاً لا أحد بانتظارك من يمكن أن ينتظرك؟
منذ متى كان لك أحد؟ أنت الآن في المدينة..
أعطيتها من عمرك الفاني.. حبوت فوق ترابها..
واكتشفت أنك تحرث الماء وأن عمرك الفاني قبض الريح الذين احتويتهم في نبض القلب وأسكنتهم صدرك يغدرون بك وليس بمقدورك أن تواجههم.. أنت عاجز..
قدرك أن تظل أنت بكل عقدك وليس بإمكانك أن تغيرها..
هذا هو بحري النهر وعليك أن تتبعه.. فلست خيراً من غيرك وممن سبقوك ومن سيجيؤون من بعدك!
لن يخرج السارد من جلده ولن يقول إلا ما يجب أن يقول وليس للكاتب (الحقيقي أو المفترض) الحق في أن يوقف انتشال هواجسه.. استذكاراته.. تجاربه.. تاريخه.. ولعل الكاتب لا يدريها.. يقول الذي يريد أن يقول ويترك القراء والنقاد يسهرون يجمعون شتاتها باحثين عن موقع الراوي من الحكاية.