في عصر الفضاء الأممي المفتوح، الذي ولدته القرية الكونية الواحدة بحيث أصبحت مصالح الدول مرتبطة ببعضها البعض فأي تراجع، أو تطور في العلاقات الدولية، أو النمو الاقتصادي لابد وأن ينعكس على مجمل الدول في العالم، ولهذا فقد اتجهت الدول إلى الدخول في تفاهمات وصولاً إلى تكتلات معظمها يهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية محصنة بتفاهم سياسي ومعززة بعلاقات ثقافية وأمنية لحماية المكتسبات.
والمنطقة العربية ليست بمنأى عن هذا التطور الذي يقود السلوك الاقتصادي والسياسي والأمني الأممي، ورغم أن المنطقة ابتليت بتوترات وأزمات سياسية متعاقبة بعضها لا يزال يشكل عائقاً في دمج المنطقة العربية بالحراك التنموي والسياسي الأممي، إلا أن كثيراً من الدول والتجمعات العربية تجاوزت عثرات تلك الأزمات واستطاعت أن تطور آليات التعامل مع القوى والكتل الدولية، ومن أهم هذه الدول والتجمعات مجلس التعاون لدول الخليج العربي، الذي استطاع نسج علاقات دولية متميزة مع أغلب إن لم يكن مع جميع التكتلات الدولية، حيث تم عقد العديد من اتفاقيات التعاون والشراكة الاقتصادية والاستراتيجية السياسية، والتي كان آخرها توقيع مذكرة التفاهم مع تركيا والتي تفتح باباً مهماً للعلاقات الاستراتيجية سياسياً ودفاعياً واقتصادياً.
وتؤسس مذكرة التفاهم بين دولة محورية ومهمة في المنطقة، ودول الخليج العربي التي تحظى باهتمام وخصوصية استراتيجية دولية، تؤسس إلى إقامة علاقات محورية وإلى إطلاق تعاون سياسي واقتصادي وعسكري وأمني وثقافي، تحتاجها كل من تركيا ودول الخليج العربي؛ لأنها تثبت الاستقرار في الخليج العربي وفي المناطق المحاذية للمنطقة العربية، وتندرج في سياق الجهد الدولي الذي يعمل على وضع صيغ وآليات للتعاون بين الدول لتثبيت الاستقرار والسلم العالميين بهدف تحقيق أعلى معدلات التنمية لخدمة الإنسانية جمعاء.
jaser@al-jazirah.com.sa