عجيب أمر بعض المسابقات والمعارض الجماعية التشكيلية فلا ينتهي معرض منها إلا ويتبعه الكثير من المشكلات والقضايا، منها ضياع لوحات بعض المشاركين أو تلفها أو عدم تسليم قيمتها المادية بعد اقتنائها، والأكثر إيلاماً أن بعض هذه المعارض أو المسابقات يقوم عليها فنانون تشكيليون لديهم المعرفة بمثل هذه المواقف وسبق أن تعرضوا لمثلها عند مشاركتهم في مناسبات مشابهة، ومع ذلك يقعون في المطب، وعند البحث والتحري كما يمكن تسميتها نجد أن من أسباب هذه المشكلات وجود ازدواجية في العمل عند تنظيم تلك الأنشطة أو المسابقات والمعارض، منها أن الطرف الداعم يطالب أن يكون له علاقة بالتنظيم رغم جهله به، إضافة إلى تعدد مواقع استلام وتسليم اللوحات والاتكال على عمالة لا يفقهون كيفية التعامل مع اللوحات أو العلم بقيمتها الفنية والمادية مع عدم معرفة بعض الجهات بأهمية سعة المكان الذي تجمع به اللوحات تفادياً لأي تلف جراء تكديسها ووضع بعضها على بعض بطرق تتسبب في خدش العمل أو تلفه.
هذا الموضوع لم يكن جديداً ولن ينتهي بمجرد معرفة من أخطأ سابقاً فقد لا يعود للفكرة من أصلها، لتأتي جهة أخرى أكثر إهمالاً وتساهلاً بهذا الأمر، كما أن الكتابة عنه ليست حلاً من الحلول لأن الأمر متعلق بمن شارك بالتنظيم وهم فنانون يعلمون الكثير ويشعرون بأهمية العمل الفني وليسوا بحاجة لمن يذكرهم فأصبح الألم في الصميم. دفعني للكتابة عن هذه المشكلة الكثير من الإيميلات التي طالب فيها من الجنسين الكتابة عن ضياع لوحاتهم أو تلفها في مسابقات تشكيلية منها القديم ومنها الجديد. والحقيقة إننا تحدثنا وطالبنا وأشرنا حتى تعبت منا الألسن وصمت الأذان بأن يعي التشكيليون خصوصاً من لديه القدرة على تنظيم المعارض والمسابقات أن من يتعاملون معهم من الجهات المشاركة بالتنظيم أو الدعاية له لا يقدرون ما لهذا الفن من أهمية كثروة وطنية ورافد ثقافي، بل ينظرون إليه كبضاعة لمواد غذائية أو إكسسوارات.
وأشرنا كثيراً أيضاً إلى أن على الفنان الواثق الخطوة المعتز بإبداعه أن يختار المناسبة الحقيقية التي تضمن لعمله المكان والوقت المناسبين وتحفظ كرامته لا أن يكون جزءاً من إعلان او دعاية لمؤسسة يخرج بعدها خالي الوفاض، أو أن يكون مكملاً بإبداعه لنشاط لا علاقة له به، عذره في ذلك أن يكون قريباً من الجمهور الغافل والمنشغل بالبحث عن ما جاء من أجله خصوصاً عند إقامة المعارض بالأسواق التجارية أو مع المناشط الأخرى، فمن السوء أن تفرض على الآخرين إبداعاً يجهلون مذاقه ويتجاهلون دعوتك لتذوقه، في وقت نرى فيه جمهوراً آخر يصطف طوابير أمام قاعات الفنون والمتاحف لمشاهدة إبداع محترم في مكان هادئ يرتقي بما يعرض فيه لا يزوره إلا من يقدره ويمتلك الذائقة.
MONIF@HOT MAIL.COM