نحن نعرف أن رمضان يبدأ في هذا الوقت من العام منذ عام، ومع ذلك ننتظر كل مرة حتى آخر أيام شعبان لنبدأ مشاوير التسوق. والعيد معروف موعده أيضا، ومنذ وقت طويل، ورغم ذلك لا نبدأ حجز الثياب إلا في رمضان،
ولا جولات التسوق إلا في العشر الأواخر. هل هذه حالة خاصة برمضان والعيد، أم أنها طبع أصيل فينا؟ بعض التفكر والتذكر يقودنا إلى أنها طبع وليس مجرد حالة. فمن منا بدأ الاستعداد لموسم الدراسة الذي سيعقب موسمي رمضان والعيد منذ الآن؟ من منا بدأ في شراء احتياجات الأبناء وطلبات المدارس قبل أن ترتفع أسعارها ويشتد الزحام عليها؟ بل من منا بدأ في توفير مصاريف المدارس منذ الآن حتى لا تربكه وقتها؟ من بدأ الاستعداد للحج فقدم طلباً بالتصاريح، وحجز لدى شركات الحج، ورتب أموره الأسرية والعملية وبدأ في تثقيف نفسه شرعياً عن هذه الفريضة وعن مناسكها والخدمات المتاحة لأدائها؟
سأراهن أن من فعل ذلك منا أقلية. ومثلهم من نظم إجازته الصيفية هذا العام قبلها بأشهر. ومن بدأ مبكراً بالبحث في خيارات السياحة، وفي حال قرار السفر حجز التذاكر والفنادق، وتجديد الجوازات وأخذ التأشيرات، وشراء الاحتياجات قبلها بوقت كاف. ولذا نعاني جميعاً من أزمة في كل موسم، نندفع جميعاً في وقت واحد وبآخر لحظة لننجز عملاً نعرف أننا سنقوم به قبل وقت طويل.
وبالنتيجة نقع دائماً في مآزق مادية وعملية محرجة. ونصعَب على مقدمي الخدمات توقع درجة الإقبال والحضور وتنظيم أنشطتهم وتخطيط أعمالهم قبلها بوقت كاف. فلا شركات الطيران والفنادق، ولا الجوازات والسفارات، ولا حتى الأسواق ستتمكن من تلبية احتياجاتنا ورغباتنا في حال الهجمة الشاملة المباغتة.
لقد تفوقت علينا الأمم المتقدمة ليس بتفوق إمكانياتها المادية والعقلية بقدر ما تقدمت علينا بحسن التخطيط والتنظيم. استعدت الصين وأمريكا والدول الأوروبية للدورة الأولمبية مع نهاية الدورة الماضية. وبدأنا استعداداتنا (على مايبدو) قبل شهور. وبالنتيجة فاز لاعبيهم بالميداليات الذهبية وفاز شبابنا بتذاكر الطيران وغرف الفنادق الفاخرة.
الحياة نظام. والأعمال تنظيم، وبدونهما لن نستطيع (الوصول).