هلَّ شهر رمضان المبارك وهلَّت معه الخيرات. شهر يستشعر به الإنسان المسلم الإيمان الصادق، فالجميع متفرغون للعبادة والاقتراب إلى الخالق بإتيان الأعمال الصالحة بعيداً عن الزيف والنفاق. فالعبادة لله خالصة بلا مظاهر مرفوضة اعتاد ضعاف الإيمان الإتيان بها للتعريف بأنهم صيّام، ولذلك يجب مراعاة شعورهم وعدم إزعاجهم وتكليفهم بأعمال لا يحتملها الصائم..!! في حين حقق المسلمون في أشهر الصيام أكبر وأهم الإنجازات الفتوح.

شهر رمضان الكريم.. وصيام الشهر والإكثار من العبادات علاقة بين العبد وخالقه لا يدخلها الزيف وهي علاقة روحانية، فالصوم من العبادات القليلة التي يقدم عليها المؤمن وهو يعلم أن لا أحد يراقبه ويعرف مدى صدق صيامه سوى الله خالقه، وبالتالي فهو العبادة الأكثر قرباً إلى الله العزيز الكريم؛ لأنه وحده فقط الذي يعلم صدق عبده، ولذا فإن التظاهر والاستعراض ينقص من حسنات الصائم لأنه حوَّل عبادة خالصة بين العبد وخالقه إلى علاقة دنيوية بين الإنسان ومجتمعه، والتظاهر والاستعراض خروج بهذه العبادة من محتواها ومضمونها الروحي إلى المظهر الدنيوي، وتظهر فريضة الصيام وكأنها إرضاء للمجتمع؛ فترى مظاهر البذخ وغيرها من السلوكيات التي تعرف الآخرين بأننا نصوم، في حين نحن نؤدي فريضة تقربنا إلى الله كلما أخلصنا النية وأديناها تقرباً إلى خالقنا وليس تزلفاً لمجتمعنا.

والبعد عن الاستعراض والتزلف لا يعني أن نقلل في عبادتنا وخاصة النوافل والإكثار من الصلاة وقراءة القرآن الكريم ومساعدة الفقراء والمعوزين، وأن نكون رحماء على الناس أجمعين خصوصا أهلنا وأسرنا، آباءنا وأمهاتنا وزوجاتنا وإخواننا وأخواتنا وأبناءنا.

ولعل مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتقديم مليار ومائة وخمسين مليون ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي من المواطنين في هذا الشهر الفضيل لمساعدتهم في تأمين حاجيات شهر رمضان الكريم تؤكد قرب المليك من أبنائه وتحسسه لاحتياجاتهم، وشعوره بشعورهم، فجاء تخصيص هذا المبلغ الكبير الذي سيوفر سيولة عالية لدى الأسر السعودية المحتاجة، وهو ما يؤكد تكافل المجتمع السعودي واهتمام قيادته باحتياجاته وتلبيتها لتمكين أفراد هذا المجتمع من تأدية فرائضهم الدينية براحة واطمئنان.