دبكات ورقصات شعبية وقصائد نبطية ومسلسلات مدبلجة ووجوه جميلة وأجساد مرمرية وأزياء شبه عارية وغنج ودلع وتدلل كل هذه الأشياء أصبحت سيدة أيامنا وليالينا فقد أحكمت الفضائيات العربية قبضتها علينا بقوة وشراسة رغم شعورنا بالمرارة والغثيان، نشطت هذه القنوات على نحو محموم ضد كل مانتمناه ونريده، كما وجهت لنا تهديدا مبطنا لقتلنا وتصفية عقولنا، وهددت كل طاقاتنا النظيفة فاندفعت هذه القنوات
إلى تهجيرنا ونفينا وتغريبنا من محيطنا الثقافي النقي إلى محيطات أكثر شراسة وأكثر تدميرا وأكثر تلويثا وتحاول إفراغنا من بقية القيم الروحية، ولديها أجندة خطيرة في هدم الذوق العام وتجريده من مضامينه الجميلة، وتملك ألغاما عنقودية وانشطارية جرثومية لها مختلف الأشكال والأنواع ملوثة تهددنا بها صباح مساء ولاتملك هذه القنوات أي عرف اجتماعي أو وازع أخلاقي ومازالت هذه القنوات تلهث وراء إشباع غرائزها المادية على حساب القيم والأخلاق بل تجاوزت حدود المسموح به وخرقت الممنوع وأفرزت كثيرا من السلبيات والتعقيدات حتى تربى جيل كبير على نمط سلوكي معين ومعرفة ثقافية قاصرة واستباحت الخصوصيات في المجتمع الشرقي قواعده وقيمه وثوابته وتحاول إلغاءها وتثبيت ثقافة العري والتخلف والإفلاس المعنوي وفق أسس استراتيجية مدروسة ومحددة، إن كثرة هذه الانحرافات وتفاهتها من قبل هذه القنوات تشيع في عقلية المتلقين نوعا من الانحراف السلوكي وتغرس في نفوسهم ميولا معوجا ذا انحدارات خطيرة في الفهم والإدراك، إن لدى هذه القنوات ابتكارا عجيبا في سذاجة الطرح ومفاهيمه الرثة التي تستمد حضورها واستمراريتها من غياب العقل والإدراك عند هذه القنوات والقائمين عليها والممولين لها والساهرين على إخراج برامجها، إن مايجعل الأسف مفتوحا وقاتلا هو أن تظهر هذه البرامج الثقيلة الفداحة بمفاهيم ومعتقدات شاذة وخطيرة في الرؤى وفي السلوك ولاتملك أي مصطلحات تذكر في الثقافة والإبداع والتنوير بل إنها تزيح الستار بشراسة لتظهر وتعري كل المبادئ العظيمة والإرث الثقافي للمجتمعات العربية، إن الخطاب الهائج الذي تمارسه هذه القنوات يجعلنا نستغيث ونرفع الصوت عاليا ونفتح نار النقد عليها وإجبارها على مراجعة تفكيرها ونمط برامجها حتى تتخلص من تداعيات هذه البرامج الهابطة غير المبررة، إن علينا بل من واجبنا إرباك ومحاصرة وتفكيك وتفتيت هذه القنوات التي تبث البرامج السلبية ذات المفاهيم المغايرة والعودة بها إلى جذورها الاصلية ذات المنبت النظيف، إنه لزاما علينا فتح ملف هذه القنوات الشاذة وندعوها جميعا للمشاركة الفعالة في تكريس المفاهيم الثقافية والاجتماعية والإنسانية والوطنية بدلا من تكريس مفاهيم مغالطة بحجج واهية وغير منطقية، وأن تسهم هذه القنوات بصياغة ثقافة عاقلة ومعقولة تتلفع بمعطف الإنسانية لا بمعطف لميس ونور أو تزعج إسماعنا بالطبل والزمر وإيقاع راقص مخل بآدمية الإنسان وذوقه.
إشارة
(ياهملالي) في لهجتنا الشمالية لمن لا يعرفها تعني من (قدك) أو من (مثلك) أو بالمعنى المطلق لا شبيه لك وفوق النقد.
ranazi@umc.com.sa