يثور الجدل من حين لآخر حول تاريخ إحالة الموظفة للتقاعد هل تستمر كالموظف كما هو الوضع الآن وهو بلوغ (60) سنة من العمر ومدة (40) سنة من الخدمة كحد أقصى لاستحقاق كامل المعاش التقاعدي كما ورد في نظام التقاعد المدني الصادر سنة 1393هـ والمعمول به حتى تاريخه، أم
أن الأمر يتطلب تحديد سن خاصة لتقاعدها وحد أقصى لخدمتها. البعض يتجه إلى ضرورة تحديد تاريخ خاص لتقاعدها يختلف عن تاريخ تقاعد الرجل كأن تحال للتقاعد عند سن الخمسين أو بعد بلوغ مدة خدمتها خمس وعشرون سنة ويعلل هؤلاء وجهة نظرهم بالآتي:
* إن مدة الخمسة والعشرون سنة من الخدمة مدة مناسبة للمرأة تتلاءم مع طبيعتها وظروفها الاجتماعية.
* سوف تتمكن المرأة بعد هذه الخدمة من التفرغ لمنزلها ورعاية أسرتها.
* إن المرأة سوف تتقاضى بعد هذه الخدمة نصف راتبها إن أحيلت للتقاعد بعد عشرين سنة وحوالي ثلثي الراتب إن أحيلت للتقاعد بعد خمس وعشرين سنة كمعاش تقاعدي وهو مناسب لتغطية متطلباتها وأسرتها حتى وإن لم يوجد عائل لها.
* إتاحة الفرصة للخريجات الجدد للالتحاق بالخدمة حيث إن إحالة الموظفات بعد (20) أو (25) سنة خدمة سوف يوفر آلاف الفرص الوظيفية للخريجات اللاتي يتزايدن سنة بعد سنة خصوصاً وأن غالبية فرص توظيف المرأة في بلادنا محصورة في مجال التعليم.
* اختلاف وضع المرأة عن الرجل في مجتمعنا فالرجل هو المسؤول عن الإنفاق على الأسرة بما فيها زوجته حتى ولو كانت موظفة أما المرأة فليس عليها التزام في هذا الصدد.
* تطوير الوظائف النسوية عن طريق شغلها بذوي مؤهلات ومهارات أعلى لأن نسبة كبيرة من شاغلات هذه الوظائف وبالذات الوظائف التعليمية من ذوي المؤهلات الدنيا غير الجامعية.
* أما من يفضل استمرار الوضع الحالي لتقاعد المرأة والتي تعامل بموجبه كالرجل فيعود للأسباب التالية:
- أن المرأة بعد بلوغ خدمتها (20) أو (25) سنة تزداد خبرتها بشؤون عملها مما قد يتطلب الحاجة لاستمرارها.
- أنه بعد بلوغ خدماتها هذه المدة تكون التزاماتها العائلية قد تضاءلت بسبب كبر سن أولادها وانخفاض مسؤولياتها المنزلية ونحو ذلك.
- أن ذلك يحول دون عدم استمرار المرأة في خدمة بلادها وفي المجال الذي تخصصت فيه.
ومما تجدر الإشارة إليه أن موضوع اختصار مدة التقاعد للمدرسات ونحوهن سبق أن طرح على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - عندما كان ولياً للعهد من قبل مسؤولين في شؤون تعليم البنات وقد تساءل - رعاه الله - عن رأي المعنيات في ذلك وقد أجيب بأنه سبق أن تم عمل استبيان حول الموضوع وتبين أن غالبية المدرسات ونحوهن يفضلن خفض مدة التقاعد بالنسبة لهن مما يعني أن هناك موافقة سامية من حيث المبدأ على ذلك وهو ما يجعل هذا الأمر جديراً بالبحث والدراسة والتقرير فيه بما يتمشى مع المصلحة العامة، إذ إنه ما دام أن غالبية منسوبات التعليم يرغبن في خفض مدة التقاعد لهن فذلك دليل على أن المرأة بعد هذه المدة من الخدمة تشعر بأنها أدت واجبها نحو خدمة بلادها وأن لديها من المتطلبات العائلية والمنزلية ما يتطلب تفرغها لها أو أنهن يشعرن من وازع وطني أنه آن الأوان لفتح المجال لأخواتهن الخريجات الجامعيات ونحوهن للالتحاق بالخدمة، ذلك أن مدة عشرين أو خمس وعشرين سنة خدمة للمرأة في بلادنا مناسبة جداً وتتمشى مع أوضاع مجتمعنا المحافظ الذي تنحصر فيه فرص التوظيف للمرأة وتزداد فيه أيضا الأعباء المنزلية والاجتماعية، وذلك ليس عيباً بالطبع بل أنه قد يصل إلى مستوى الاعتزاز فنحن بلد مسلم متقيد بأحكام الشريعة الإسلامية التي تمنع الاختلاط والذي عن طريقه تتوفر آلاف الفرص الوظيفية للمرأة في الدول التي لا تتقيد بأحكام الله.
لقد راعى (نظام التقاعد المدني) هذه الدواعي والظروف التي تحيط بالمرأة فأورد وبشكل يخص الموظفة فقط استحقاقها في حالة استقالتها لغرض الزواج عن مدة خدمتها إذا لم تبلغ مدة الخدمة اللازمة لاستحقاق المعاش التقاعدي وهي (25) سنة مكافأة بنسبة (11%) من المرتب السنوي عن كل سنة محسوبة في التقاعد مهما بلغت مدة خدمتها في حين أن الموظف عند استقالته لا تحسب مكافأته بهذه النسبة إلا إذا كانت خدماته عشر سنوات فما فوق حتى بلوغ مدة خدماته (25) سنة وقد يكون ما ورد في نظام التقاعد بالنسبة للمرأة والذي أشرنا إليه نوعاً من التشجيع وإعطاء الحياة الأسرية قدراً من الأولوية رغم هذه المدة من الخدمة التي قد تكون قصيرة جداً لكون المرأة أم والأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعباً طيب الأعراق، فكيف إذا بلغت خدماتها عشرين أو خمساً وعشرين سنة ألا يستحق ذلك كل التشجيع والرعاية بحيث تتم إحالة الموظفة للتقاعد بعد هذه المدة مع منحها المعاش والمزايا التي تتناسب مع مدة خدماتها.
إن الخريجات الآن بالآلاف وسيزيد ذلك كثيراً في السنوات القادمة ونعتقد أن الأخذ بهذا التوجه بعيداً عن الذاتية والمجاملة يعتبر مصلحة عامة لكونه سوف يساهم بشكل كبير في معالجة مشكلة توظيف الخريجات إضافة إلى أنه سوف يسبغ على الوظيفة النسوية أنواعاً متعددة من التطوير والتجديد.
إن استمرار المرأة في وظيفتها بل والرجل أيضاً (40) سنة في حين يوجد الآلاف من الخريجين والخريجات على قائمة الانتظار مع التقدير لما يقدمانه من تفاني وإخلاص أمر يتنافى مع المنطق والصالح العام ولكن الأولوية الآن يمكن أن توجه للوظائف النسوية باعتبار أن الخريجين قد تتاح لهم العديد من الفرص في القطاعين العام والخاص.