إنه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن ناصر الداغري الذي كان إماماً وخطيباً لمسجد (التوفيق) بحي الصحنة بالدلم طيلة ثلاثين عاماً أو تزيد. ترك الشيخ إمامة المسجد هذه الأيام إثر عارض صحي ألمَّ به، تعافى بعده ولله الحمد، ولكنه ترك الخطابة في المسجد، وقد أسِفَ الناس لهذا أسفاً بالغاً، وعدّوه خسارة كبيرة لما للشيخ من منزلة كبيرة في نفوس أهل الدلم، ولما يجمعون عليه من محبته وتقديره، وكان أهلاً لهذا الحب والتقدير، وقد خلَف الشيخ من هو أهل فضل وتقى وصلاح أعانه الله ووفقه.وأنا هنا لن أتحدث عن مناقب الشيخ وفضائله وما حباه الله من خصال يتمتع بها من تواضع جم ولين جانب، وبشاشة وجه، وسماحة خلق، وحسن تعامل، وصدق مشورة، وإخلاص نصح، يجمل ذلك كله حكمة بالغة، ورأي رشيد، وقول سديد، وإنما سأتحدث عنه خطيباً. فقد كان الشيخ يُعدّ الخطبة بنفسه، ويصوغها بأسلوبه بلغة يفهمها الناس، وأفكار يدركونها لغة سليمة هادئة صادقة رزينة يصدق دائماً عن رأي علماء هذا البلد، وتوجيهاتهم، وفتاويهم تتلمس الإخلاص في عباراته إلى أمته، ووطنه، ودولته. كان متوازناً في معالجته لما يعرض له من موضوعات فلا تراه يندفع في حماسة لا مسوغ لها، ولا تراه متراخياً متخاذلاً فيما يستحق الاهتمام، لم أسمعه يوما انساق إلى لغة التهويل والتهييج، حكيماً رزيناً في معالجته للموضوعات أياً كانت. ومما يتميز به الشيخ الدقة في الوقت والمواعيد؛ فيصعد المنبر مع أول دقيقة يدخل فيها وقت الظهر ولا تتجاوز خطبته - في الغالب - خمس عشرة إلى عشرين دقيقة. وكان على طول عهده بالخطابة مهتماً بالناس مقدراً لهم فهو يفكر في الخطبة القادمة ويبدأ يعد لها فور انتهائه من الخطبة القائمة موافقاً في ذلك الأحداث والمناسبات متوخياً ما يهم الناس وما ينفعهم.جزى الله الشيخ عنا خير الجزاء، وأسبغ عليه الصحة والعافية.
-كلية العلوم - الرياض
aagaab@hotmail.com