طالعتنا بعض الصحف المحلية خبراً يندى له الجبين من بيع أحد المقيمين في المملكة ابنته البالغة ثمانية أعوام وتحديداً بالمنطقة الجنوبية إلى شيخ ستيني دخل بها وواقعها وتسبب إثر ذلك بنقلها إلى المستشفى في حال يرثى لها. فقد قمت بجمع بعض مما ورد عن منظمات عالمية وإحصاءات في هذه.
المسألة التي تحرم زواج صغيرات السن. قام المركز الدولي للأبحاث عن المرأة، ومقره واشنطن العاصمة الأمريكية، بإدارة حملة دولية ضد تزويج الأطفال. وتصف قصص كثيرة محن البنات والمراهقات اللواتي يتم اغتصابهن من قبل أزواجهن واللواتي يترملن فيما هن مراهقات ويجبرن على العمل في تجارة الجنس لإطعام أولادهن.
يتم تزويج 51 مليون بنت ومراهق في أنحاء العالم في سن مبكرة لدرجة أنهم يواجهون مخاطر صحية خاصة ومعدلات فقر أعلى. وسيتم تزويج 100 مليون بنت أخريات خلال السنوات الـ10 القادمة، حسب تقديرات مجلس السكان وهي منظمة دولية تعنى بشؤون الصحة الإنجابية مقرها نيويورك.
ويتم زواج الأطفال في أغلب الأحيان في بعض أفقر البلدان في جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء. وفي أجزاء من إثيوبيا ونيجيريا والهند، فإن أكثر من 40 في المائة من البنات والنساء صغيرات السن يتم تزويجهن حين يصلن الـ15 من أعمارهن. وتتزوج أكثر من 50 في المائة منهن قبل سن الـ18 في النيجر وتشاد وبنغلادش ومالي ونيبال وموزمبيق وأوغندا. ولا تشجع هيئات واتفاقات حقوق الإنسان الدولية مثل الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل ولجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد النساء على الزواج قبل سن الـ18 أو أنهما تحرّمانه كلية. بيد أن تزويج الأطفال ممارسة ثقافية راسخة الجذور، ولن تستطيع القوانين بمفردها أن تمنع هذه الممارسة.
وقد وجد صندوق الأمم المتحدة للطفولة أنه كلما زاد مستوى تعليم البنت، قلت احتمالات أن تصبح البنت عروسا في سن الطفولة. وفي ضوء ذلك، تركز البرامج القاعدية في زيمبابوي وكينيا وبنغلادش على توفير حوافز اقتصادية للآباء لكي يُبقوا بناتهم في المدارس.
في هذه الأثناء يعمل المركز الدولي لأبحاث المرأة ومجلس السكان مع الشركاء المحليين لتوفير مهارات معيشية للبنات غير المتزوجات ومساعدتهن على اكتساب الثقة بالنفس ومقاومة الضغوط من أجل الزواج إضافة إلى توفير خدمات التعليم في مجال الصحة الإنجابية وخدمات الصحة الإنجابية للبنات المتزوجات.
إن زواج الأطفال يعزّز دائرة الفقر بخلاف ما هو معتقد بأنه يخفف من الفقر حينما يقوم الأب بتزويج طفلته أو بيعها للتخلص من مصاريفها، فبالإضافة إلى إمكانيات البنات المتزوجات الضائعة، ثمة تكاليف حقيقية ترتبط بصحة المرأة ووفيات الأطفال.
فمن المرجح أن تتوفى المراهقات دون سن الـ15 أثناء فترة الحمل أو أثناء الولادة بمعدل يفوق معدلات الوفاة بين النساء في العشرينيات من أعمارهن بمرتين، كما أن معدلات وفيات أطفالهن أعلى هي الأخرى. ووفقا لأبحاث أجرتها جامعة شيكاغو، قد تواجه الطفلات العرائس مخاطر أعلى من حيث الإصابة بفيروس إتش آي في وغيره من الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي من نظيراتهن المراهقات.
كما أن دراسة صدرت عام 2004 عن المركز الدولي لأبحاث المرأة عن ولايتي بيهار وجهراخاند في الهند وجدت أنه من المرجح أن البنات اللواتي تزوجن قبل سن الـ18 تعرضن لعنف جسدي أو تهديدات أكثر من النساء اللواتي تزوجن في سن متأخرة بمرتين.
وقالت اليونسيف في تقرير لها إن ظاهرة الزواج المبكر لصغيرات السن تتسبب لهن في آلام بدنية ونفسية رهيبة، ويقول التقرير الذي أصدرته المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إن حوالي نصف عدد الفتيات في بعض الدول يتم تزويجهن دون سن الثامنة عشرة نتيجة لضغوط الحاجة والفقر والتقاليد العائلية، ويشير التقارير إلى أن الزوجات الصغيرات يجري تسريبهن من المدارس وحرمانهن من حق رئيس آخر هو حق التعليم، كما أن الزواج في سن صغيرة ينطوي على احتمال الحمل المبكر الذي يتسبب بدوره في متاعب صحية إضافية سنأتي على ذكرها لاحقاً.
ويؤكد المدير العام لليونسيف كارول بيلامي أن إجبار الأطفال وبخاصة الفتيات منهم على الزواج المبكر يمكن أن يكون ضارا على المستويين البدني والعاطفي، وقال إن هذه الممارسة تعتبر انتهاكا لحقوق هؤلاء الأطفال في الحرية الشخصية والنمو.
وتشير بعض الإحصاءات الواردة في التقرير إلى أن سبعة في المئة من الفتيات في نيبال تتزوجن قبل سن العاشرة، وأربعين في المئة قبل سن الخامسة عشرة، أما في مصر فيقول التقرير إن حوالي 29 في المئة من الزوجات الصغيرات تتعرضن للضرب على أيدي الأزواج والأقارب، ويتسبب العنف المنزلي في فرار كثير من الفتيات، وهو الأمر الذي يقود أحيانا إلى ما يعرف بالقتل دفاعا عن الشرف للمرأة على أيدي أحد الذكور من أقاربها، كما يعد الموت الناجم عن الحمل المبكر السبب الرئيس لوفيات الفتيات في سن ما بين الخامسة عشرة والتاسعة عشرة في جميع أنحاء العالم، وقد دعت اليونسيف الحكومات والمنظمات المحلية على تحذير الأسر من الزواج المبكر وتعريف الآباء بما ينطوي عليه من مخاطر. وقد تم حسب الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تحديد أن كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشره من عمره يعتبر طفلاً.
وتنتشر ظاهرة تزويج الأطفال في مجتمعاتنا العربية بشكل متزايد وخطير دون تدخل من أية جهة رسمية لمنع مثل هذه الجرائم البشعة بحق الإنسانية بشكل عام وبحق الأطفال بشكل خاص ويقترفها عادةً الآباء مصادرين بذلك ليس فقط حرية اتخاذ القرار من قبل من سيتم تزوجيهم من الأطفال بل ومصادرة البراءة والإنسانية منهم.
وإذا نظرنا لبعض الإحصائيات الرسمية لإحدى الدول العربية القريبة فإن تزويج الفتيات دون سن الخامسة عشرة يتجاوز 52% منها 70% في المناطق الريفية و7% دون سن الثماني سنوات أو العشر سنوات، فضلاً عن الفجوة العمرية الكبيرة بين الأزواج والتي وصلت في إحداها إلى 56 سنة.
ويتسبب الزواج المبكر عادةً في ارتفاع ضغط الدم لدى الجنين والحامل أو ما يسمى بالتسمم الحملي وما يصاحبه من أعراض اختلال وظائف أعضاء الجسم التي قد تؤدي إلى انفجار الرحم أو الحمل العنقودي وضغط العمود الفقري الأمر الذي يؤدي إلى آلام مزمنة في الظهر لدى صغيرات السن.
تعتبر مؤسسة الأسرة عامل التوازن الأكبر والاستقرار في المجتمعات الإنسانية. فعن طريق هذه المؤسسة يتم الإشباع الجنسي والعاطفي والاجتماعي لقطبيها من ناحية ويتم إنجاب الأبناء وتربيتهم وغرس القيم الحسنة في الثقافات الإنسانية فيهم. وكلما كان الزوجان ناضجين والجو الأسري أكثر صحية وكانت الروابط الأسرية أكثر قوة، كلما أصبح السلوك القويم والقيم الحسنة أكثر انتشارًا وقوة داخل المجتمع. فالأسرة مشروع مجتمعي إنساني متكامل. يجب أن يتحقق فيه البعد التربوي الاجتماعي الذي يتمحور حول التأهيل والتكوين حتى نؤسس البنيان المجتمعي تأسيساً قوياً. فالأسرة منوط بها تزويد المجتمع بالجيل القيادي الواعي بمهامه ودوره في البناء والانخراط في المشروع النهضوي للبلد. قال سبحانه وتعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} سورة التوبة. وقد عني الإسلام بهذه المؤسسة ووضع الضوابط الكفيلة بنجاحها. فهل من المتوقع أن يوفر هؤلاء الأطفال مثل هذا الجو الصحي لنجاح مؤسسة الأسرة!
إن زواج الأطفال يفرز العديد من الآثار السلبية. لعل من أهمها الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية سواء على مستوى الفرد (الطفل) أو على مستوى المجتمع. فعلى مستوى قطبي الزواج الطفولي، يسبب هذا الزواج عقداً نفسية عميقة لأن هؤلاء الأطفال يجهلون تمام الجهل ما هم مقدمون عليه. وطبياً، نجد أن الأم الطفلة أكثر عرضة للوفاة أثناء الولادة. ولا تتوقف الآثار السلبية هنا. بل تؤثر هذه الزيجات الطفولية على صورة الدولة خارجياً. فكيف تقبل منظمات حقوق الإنسان بوجود مثل هذه الزيجات في دولة موقعة على الاتفاقية القاضية بمنعها وعلى الحفاظ على حقوق الطفل.
وعليه فإن الأب الذي يزوج أحد أطفاله والمأذون الذي يعقد لطفل على آخر مخطئون تجب معاقبتهما للحد من هذه الأعمال والحفاظ على براءة الطفولة. كما يجب على الجهات المختصة مراعاة الآتي:
* تكثيف التوعية للحد من هذه الحالات عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.
* تفعيل دور المؤسسات التربوية المختلفة كالمساجد والمدارس والجامعات لمحاربة هذه الحالات.
* وضع سن أدنى للزواج وليكن الثامنة عشرة.
* وضع فارق عمري محدد بين الأزواج وليكن مثلاً خمسة عشر سنة.
لقد أجمع علماء الإسلام على جواز زواج الفتاة قبل المحيض والدخول بها واستدلوا بالآية الرابعة من سورة الطلاق. ونُقل الإجماع على جواز تزويج الأب البكر الصغيرة، ولكن القاعدة أيضاً هي صلاحية الفتاة للزواج وعدم الإضرار بها.
هذه الأيام وبعد أن كثر ظهور أخبار زيجات كبار السن على فتيات لم تتجاوز أعمارهن العشر سنوات، أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية أنها ستتبنى هذه القضية، وأنها ستحارب لمنع هذا الزوج أو بيع تلك الطفلة للسبعيني، ولكن هل القضية هنا فردية، أي أب تاجر بابنته في غفلة عن المجتمع والقانون، لهذا تريد (هيئة حقوق الإنسان) مطاردته قانونيا، ليتم معاقبته هو والزوج السبعيني؟.
تقف (هيئة حقوق الإنسان) عاجزة كلياً عن فعل شيء، ولن يطال أحداً عقاباً لارتكابه كارثة إنسانية كهذه، لأنه لا يوجد في وزارة العدل عمر معين لزواج السعوديين، ولا يوجد شرعا ما يمنع هذه الزيجات، لكن الشرع يعطي للطفلة بعد بلوغها سناً معيناً أن تبدي رأيها في هذا الزواج، بمعنى أنه يمكن لها طلب الطلاق شريطة أن ترد له ما قبضه والدها لقاء بيعها للسبعيني.
ثمة أمر آخر على (هيئة حقوق الإنسان) الانتباه له، قبل أن تخوض حربها في هذه القضية إن خاضتها، الأمر الآخر في اعتقادي أنه لابد من سن قانون يجرم الأب والسبعيني وكاتب النكاح أو ما يسمى بمأذون عقود الأنكحة.
أخيرا.. أتمنى من (هيئة حقوق الإنسان) ألا تنظر للقضية على أنها عمل فردي، وأن تعمل على التأثير على المجتمع من خلال زرع ما هو أخلاقي وما هو لا أخلاقي في ضمير المجتمع، لتحدد من أين تبدأ حتى لا تخسر حربها في هذه القضية؟ وإن كنت على ثقة بأنها لن تفعل شيئاً ربما بحجة أن الموضوع لا يشكل ظاهرة، وتكريساً للمفهوم الذي أؤمن به باستمرار في بلادنا أننا نسعى لحل مشكلاتنا بعد تفاقمها وتحولها لظاهرة، لكننا لا نقوم بتوقع استفحال المشكلة وتحولها لظاهرة كي نبدأ البحث عن الحلول لها.
(قال عبدالملك بن مروان لرجل من غطفان: صف لي أحسن النساء؟ قال: خذها يا أمير المؤمنين ملساء القدمين، ردماء الكعبين، ناعمة الساقين، ضخماء الركبتين، لفاء الفخذين، ضخمة الذراعين، رخصة الكفين، ناهدة الثديين، حمراء الخدين، كحلاء العينين، زجاء الحاجبين، لمياء الشفتين، بلحاء الجبين، شماء العرنين، شنباء الثغر، محلولكة الشعر، غيداء العنق، مكسرة البطن. فقال: ويحك وأين توجد هذه؟ قال: تجدها في خالص العرب وفي خالص الفرس) فهل تنطبق تلك الأوصاف الجمالية عند فتاة لم تكمل الثامنة عشرة من عمرها أو لنقل هل توجد تلك الصفات في طفلة في العاشرة أو أقل أو أكثر؟.
هل تدرك هيئة حقوق الإنسان وأنا الذي لم أسمع عن أي إنجاز لها حتى الآن سوى إبداء الآراء التي يمعن فيها مسؤولو الهيئة في تنظيرهم للمشكلات الواقعة دون إيجاد حلول لها أو ربما لأكون منصفاً اقتراح حلول لها دون السعي لتنفيذ تلك الحلول وهي الجهة المناط بها حماية حقوق الإنسان وهذا ما يفهمه عقلي الساذج من اسمها، هل تدرك الهيئة أن زواج الأطفال يعتبر انتهاكاً لإنسانية الأطفال، وهل يمكن أن يقوم أحد مسؤولي تلك الهيئة التي نسمع عنها ولا نراها بتزويج ابنته الطفلة أو بتزويج حتى ابنته ذات الثمانية عشر عاماً إذا أخذنا بالمعيار العالمي لتحديد سن الأطفال بتزويجها من عجوز سبعيني. مجرد أسئلة أطرحها على رجال الهيئة التي نسمع ضجيجها ولا نرى طحينها.
والله من وراء القصد،،،
dr.aobaid@gmail.com