في أواخر القرن الثالث عشر الهجري بدأت حركة نشر الحديث وإحياء السنة في بلاد الهند بقيادة المحدث الشيخ (نذير حسين الدهلوي ت 1320هـ) والأمير الشيخ (صديق حسن خان ت 1307هـ)، فخدم الأول علوم السنة بتدريس الحديث، وخدم الثاني علوم السنة بالنشر والتأليف.
ومن علماء نجد الذين طلبوا العلم في بلاد الهند الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ ت 1319هـ، فكانت رحلته في طلب الحديث عام 1309هـ، وحضر بعض المجالس في بمباي في فنون اللغة وذلك أثناء سيره إلى لقاء أهل الحديث. ولقد بلغه الله أمنيته فكان مشتاقاً إلى مجالسهم، فقرأ على الشيخ نذير حسين المقيم في دلهي فقرأ عليه نخبة الفكر بالتأمل والتأني، ثم شرع في قراءة الصحيحين وقرأ أطرافاً من الكتب الستة وموطأ مالك وبلوغ المرام ومشكاة المصابيح والجلالين في التفسير، وكانت مدة إقامته تسعة أشهر عند الشيخ نذير، ثم ارتحل إلى بهوبال، وقرأ على الشيخ حسين الأنصاري في الأصول والفروع، وحضر لدى سلامة الله المدرسي في بهوبال وسمع منه سنن ابن ماجه.
ومن الذين سافروا للهند لطلب علم الحديث الزاهد الورع الشيخ سعد بن عتيق ت 1349هـ، حيث سافر إلى بلدان فارس على قارب صغير وعند وصوله هناك توجه إلى (لنيه) مشياً على الأقدام وذلك لهيجان البحر، ثم توجه إلى (باوردان) ومكث عند بعض المحبين ووجد عندهم شيئاً من كتب التفسير وبعض كتب شيخ الإسلام. ومن لطائف ما ذكره عن رحلته يقول: (بينما أنا متجه إلى لنيه مستقبلاً الليل شاهدت ناراً فعشوت إلى ضوئها فإذا أنا برجال على شاطئ البحر ألقتهم سفينتهم فبت عندهم تلك الليلة وكانت ليلة مطيرة وصان الله تعالى الكتب التي معي بسبب أولئك فإني بت عندهم في مثل الخيمة فعصمنا الله من المطر وفي الصباح توجهت إلى (لنجه) ثم قصدت الهند). ولقد تتلمذ على الشيخ نذير الدهلوي وكذلك أخذ عن العالم الفاضل صديق حسن القنوجي وغيرهما من المشايخ المحدثين الأعلام في بلاد الهند.
ومن الذين رحلوا يطلبون علم الحديث في بلاد الهند الشيخ عبدالله بن يابس ت 1389هـ، وله رحلة مثيرة تستحق أن تذكر وتروى، فقصته ليست زخرفاً من قول أو بدعاً من خيال لأنه عايش في رحلته أحداثاً كونية عاصفة وذاق مرارة الغربة وشظف العيش والصبر على طلب العلم، فسافر على مركب شراعي عبر به الخليج العربي إلى المحيط الهندي وكان يحمل كتبه في حقائب حديدية وعندما يضرب الموج المركب الشراعي تنقلب هذه الحقائب الحديدية فكانت رحلة شاقة مضنية حتى وصل إلى ميناء بومبي ثم انتقل إلى دلهي وانتظم في مدرسة الحديث ودرس على الشيخ عبدالرحيم المبارك فوري صاحب كتاب (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي)، وكان من زملائه في الدراسة رئيس جمهورية بنقلاديش سابقاً مجيب الرحمن، ومكث هناك أربع سنوات حصل على بعض الإجازات في علم الحديث والنحو وكانت هذه الرحلة في عام 1341هـ.
وعندما بدأ الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يرسل البعثات ويشجع طلاب العلم للتزود من علوم القرآن وسنة رسول الله المطهرة حرص أن تكون أول بعثة إلى الهند للدراسة هناك ولأخذ علوم الحديث من علمائها لأنهم سلفيون في معتقدهم، وكان من هؤلاء الأوائل الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن عتيق ت 1359هـ والشيخ علي بن ناصر ابوادي ت 1361هـ والشيخ فوزان السابق الفوزان ت 1373هـ وكذلك الشيخ علي بن ماضي والشيخ علي بن سعد بن مديهش والقاضي محمد بن مبارك والشيخ عبدالله القرعاوي وعبدالعزيز بن راشد وعبدالله القصيمي.
****
المراجع:
تاريخ أولي النهى والعرفان - إبراهيم العبيد ج1، 2
رابطة ظفر خان ومسلمي الهند بالملك عبدالعزيز - الشويعر
من أعلام الإسلام عبدالله بن يابس - اليابس
دعوة الأمير العالم صديق خان واحتسابه - علي الأحمد
عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي
مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم