صور كثيرة شاهدناها ونشاهدها في التلفاز لأنواع شتى من صنوف القهر والظلم في بقاع الأرض شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، فلا دين ولا لغة محددان للقهر والظلم، شأنهما شأن الإرهاب. |
فقد شاهد الملايين صور التشريد والإبعاد لفلسطينيين عن وطنهم، وهدماً لبيوتهم وتدميراً لممتلكاتهم ومزارعهم. |
ورأينا صور الجنود الصهاينة الذين يكسرون أيدي شباب فلسطينيين بكل صلافة وتجبر. |
ورأى ملايين المشاهدين القهر بكل معانيه في عيني امرأة فلسطينية في مواجهة جندي صهيوني مدجج بالسلاح يحاول دفعها بصورة مهينة وهي لا تملك إلا أن تنظر إليه بشزر. |
ثم تأتي الصورة على شاب يوجه جندياً آخر وأنفاسه تكاد تحرق هذا الجندي من حرارتها وهي ما تسمى بالأنفاس الزفرى... حنقاً عليه. |
ولا يخفى على أحد ما حدث ويحدث في معتقل غوانتنامو من تعسف وتعذيب للمعتقلين فيه، فيبدأ الجور والقهر من حرمانهم من الأقلام والورق ليكتبوا رسائل لذويهم وأحبابهم، أو خواطر وأشعاراً تصف معاناتهم، إلى جانب تصفيد الأيدي والأرجل، وتكميم الأفواه وتغطية الأعين والأذان، وغيرها من صنوف الإذلال والتحطيم المعنوي والإيذاء الجسدي. |
ولقد قام سجانون في بعض البلدان باقتلاع أعين وقطع أذان سجناء بكل همجية ووحشية، وكأنهم يريدون بذلك أن يحرموا هؤلاء المساجين من رؤية (ظلام السجن) وسماع (صمته الرهيب)!!! |
كل هذه المشاهد وغيرها يعجز كل كاتب بما أوتي من قوة العبارة وجزالة المعنى ودقة التصوير أن يعبر عن معاناة وآلام أصحابها، وإني من ضمن هؤلاء العاجزين عن التصوير والتعبير، ولكني أستعيض عن ذلك بأبيات قالها شاعر القطرين (خليل مطران) أرى أنها بلغت القمة في تصوير كل ما سبق من صور التعذيب والقهر المتعددة، فقد تحدث بلسان كل مظلوم ومقهور في الأرض، فماذا قال شاعر القطرين؟ |
شردوا أخيارها بحرا وبرا |
واقتلوا أحرارها حرا فحرا |
إنما الصالح يبقى صالحاً |
آخر الدهر ويبقى الشر شرا |
كسروا الأقلام هل تكسيرها |
يمنع الأيدي أن تنقش صخرا |
قطعوا الأيدي هل تقطيعها |
يمنع الأعين أن تنظر شزرا |
أطفئوا الأعين هل إطفاؤها |
يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا |
أخمدوا الأنفاس هذا جهدكم |
وبه منجاتنا منكم فشكرا |
|
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. |
|