Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/08/2008 G Issue 13100
الأحد 09 شعبان 1429   العدد  13100
هذرلوجيا
يا فرحة ما تمت
سليمان الفليح

بداية أقول الحمد لله الذي جعل مضاربنا المرتحلة دوماً مضارب إليكترونية تتنقل في أرجاء الكرة الأرضية وهي ثابتة الأوتاد في (منازلها)، وأصبحنا بدلاً من أن نرتحل من أجل الكلأ وننجع نحو مساقط المطر نرتحل من أجل المعلومة وننجع نحو المعرفة. وبدلاً من أن تصف موقع قومك في فيافي الصحراء وتقول صنع الجدي على حجاجك الأيمن وتوجه نحو الكلبسين فإذا ما وصلت الجبل الفلاني فإن خلفه تلال يحفها شعيب من الرمث عليك أن تقطعه وحينما تستوي القاع سترى جادة (أثار إبل قديمة) عليك أن تمسكها ثم (حذفة عصا) ستجد قومك هناك. وبالطبع هذه الأيام -والحمد لله- لا داعي لتلك (الحذفة) والتي غالباً ليست دقيقة بل قد تأخذ منك فرسخين على الأقدام ولربما أكثر، وهذا ما يطلق عليه سخرية (وصف بدو). أقول هذه الأيام وبفضل تطور وسائل المواصلات والاتصالات فما عليك إلا أن تضغط على (زر) الإنترنت ثم تحدد موقع قومك، ولكن إليكترونياً هذه المرة، بل وبمقدورك أن (تهرّج) وتتعلل مع قومك وهم على (جال نارهم) وأنت على جال بحيرة جنيف!! عبر الكاميرا الإلكترونية المثبتة في (علباة الكمبيوتر).

وهذا بالطبع ما حدث معي إذ كنت مسافراً إلى الخارج وقررت عشيرتي العزيزة أن تكرمني على ما قدمته من إبداع، وليكن التكريم هذا فجأة لي وأنا لم أزل حياً لأننا اعتدنا أن نكرم المبدعين بعد الموت بينما كانوا يموتون جوعاً بيننا وهم أحياء. ما علينا من ذلك كله، المهم أن عشيرتي الصغيرة (العميرة من السبعة من عنزة الكبرى) قررت أن تكرمني تحت رعاية الدكتور الرائع خالد بن مكيمن السبيعي العنزي الذي رعى هذه الخطوة الحضارية النبيلة والجميلة كعادة أبي جراح ومن (حرّ ماله)، وكذلك قرر أن نكرم المبدعين المتفوقين من أبناء وبنات العشيرة الذين تميزوا بالمعدلات العليا في الثانوية العامة. ولعلي أذكر بالفخر أن إحدى الطالبات قد حصلت على 99.37%، واحد الطلبة على 97.49، وحصلت طالبة أخرى على ما يماثل ذلك وهكذا. وقد كانت فرحة الطلبة لا توصف بهذا التكريم الرائع الذي يقدمه لهم مجتمعهم الصغير فكيف بالكبير؟! وبالطبع هذا التكريم قد رسم لهم حلماً وردياً رائعاً بأن الحياة القادمة أجمل وابهى من أيام الدراسة، وكان الأمل يشرق في عيون هؤلاء المبدعين نحو الوصول إلى أرقى منارات التعليم ولم لا، فتثمة رعايات للمبدعين، فثمة مؤسسات ترعى مثل هؤلاء خارقي الإبداع والذكاء. ولكن ويا للأسف الشديد فقد كانت أولى الصفعات التي وجهت إلى هؤلاء المبدعين هي خرافة (القدرات) التي لا نعرف من اختراعها سوى لعرقلة مسير الإبداع والتقدم في هذا الوطن الناهض الجميل. ثم تلتها صفعة أخرى لا أعرف معناها ولا غيري كذلك إلا وهي صفعة بل لكمة (التحصيل) على وجوه هؤلاء المبدعين، ثم تلتها (الركلة) الثالثة هي عدم القبول لهم لمواصلة رسالة (الطب)! إذ أتساءل هنا.. أي عقل تريده وزارة التعليم العالي يحصل على أكثر من (99.37%)؟، بالله أجيبوا؟! ثم أن عقلاً يحصل على هذا الرقم في الدراسة العلمية ما شأنه في المواد الأخرى وما شأنه ب(القدرات) ما دام لديه هذه القدرة التي لا يعلو عليها إلا قدرة رب العزة، فعن أي قدرة تتحدثون؟



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد