يمتلئ الفضاء العربي اليوم بعشرات إن لم يكن المئات من الفضائيات العربية والأجنبية وبرغم هذا الكم الكبير من هذه القنوات التلفزيونية إلا أن القنوات الناجحة والمتميزة والتي تحظى باهتمام المشاهد العربي ومتابعة قليلة بل وقليلة جداً ترى ما الذي يجعل قناة تلفزيونية تنجح فيما تخفق مئات من القنوات الأخرى؟

من الملاحظ أن معظم الفضائيات العربية تبدأ عملا دون رؤية واضحة لما تريد تقديمه للمشاهد كما أنها أيضا لا تملك رسالة محددة تسعى إلى تحقيقها فضلا عن عدم وجود دراسات الجدوى لإنشاء مثل هذه الأعمال المكلفة مالياً.

يدخل كثير ممن يملكون المال إلى المجال الفضائي رغبة في تحقيق الشهرة والنجاح وكذلك أيضا في سبيل إرضاء الذات عبر تبني بعض القضايا والموضوعات التي يميل إليها صاحب هذه الفضائية.

هذه الأحلام سرعان ما تصدم بشدة حين تنزل إلى أرض الواقع الذي يخضع إلى شروط ومواصفات ومؤهلات وقدرات وكفاءات لابد من توافرها بشكل جيد في من يريد دخول هذا المجال المهم.

من الممكن ذكر عشرات الأسباب التي تؤدي إلى إخفاق الفضائيات العربية أما النجاح فهو معادلة مكونة في رأيي من عدة أمور يأتي في مقدمتها:

أولاً: لابد أن يكون للقناة الفضائية رؤية واضحة لما تريد تحقيقه في المستقبل.

ثانياً: لابد أن تكون لهذه القناة رسالة تؤمن بها وتريد إيصالها لهذا الجمهور.

ثالثاً: من المهم أن يكون للقناة استراتيجية واضحة تحدد الأسس والمنطلقات التي تعمل بموجبها.

رابعاً : من الضروري وجود خطة عمل مرنة لكل يوم ولكل أسبوع ولكل شهر ولكل سنة.

خامساً: توافر عناصر بشرية محترفة وعاشقة لهذه المهنة المتعبة ومؤمنة بأهمية الرسالة التي تقوم بها.

سادساً: توفير أحدث الأجهزة الفنية.

سابعاً: اعتماد ميزانية مالية قادرة على الوفاء بكل الالتزامات البرامجية والإدارية.

ثامناً: أن تعمل القناة وهي تضع في عينها أن تكون معبرة عن روح المجتمع الذي تعمل فيه بحيث تعبر بصدق وشفافية عن كافة أفراح وأحزان هذا المجتمع، وبعبارة أخرى أن يجد المشاهد في هذه القناة ما يلبي اهتماماته وتطلعاته وأن تكون لسان حال هذا المشاهد في إيصال صوته ومعاناته إلى أصحاب القرار.

أخيراً وهذا هو المهم وبيت القصيد في الموضوع كله فلا زلت أذكر رأياً مهماً لعالم الإدارة الشهير بيتر دراكر والذي يقول فيه: (لا توجد منشأة فاشلة أو مؤسسة فاشلة وإنما توجد إدارة فاشلة أو إدارة ناجحة).

وأقول بدوري ومن واقع ممارسة إعلامية لسنوات طويلة إن الإدارة ثم الإدارة ثم الإدارة هي بحث حجر الأساس في صعود أو سقوط أي منشأة وحين تسمع عزيزي القارئ عن اختفاء قناة فضائية أو توقف مؤقت لمحطة أخرى أو تعثر لقناة أخرى فلا تذهب في تحليل بعيداً وإذا كان يقال في الأمثال المرتبطة بالقضايا الجنائية فتش عن المرأة فإنني أقول لك في الإعلام.. فتش عن الإدارة.