هذا الثالوث الخطير من أكبر مصادر القلق للمرأة الخليجية، بل إن حوادث الطلاق والافتراق بين الأزواج تبيِّن أن أحد أضلاع هذا المثلث سبب فيها، وتحوَّلت هذه الأماكن من أماكن راحة واسترخاء وألفة اجتماعية، إلى وبال ونكال على الأسرة، وإحداث الشقاق والنزاع والخلاف، ولا سيما حينما يدمن الرجل ارتياد هذه الأماكن مساء كل يوم، ونهاية كل أسبوع، ولا يعرف منزله إلا في وقت متأخر من الليل، فيمضي مع أصحابه وزملائه أكثر مما يقضيه مع أبنائه، لا يأبه بمن مرض منهم، فقد أوكل ذلك إلى أمهم، ولا يقضي حاجة لهم، فقد اكتفى برمي المصروف عندهم، ولا يهتم بدراستهم حتى والامتحانات الدراسية، وبعبعها يخيّم عليهم!
ومن حق النساء إذاً أن يضجرن، ويغضبن، ويقلقن من هذه الأماكن، هذا إذا افترضنا أن فيها المفيد قولاً وفعلاً من (سوالف) غانمة، وأفعال مرضية، وبيع وشراء، وأحاديث عابرة، لكن المشكلة في بعض هذه الأماكن أنها أصبحت مكاناً للملتقيات المحرمة، وقضاء الليالي الحمراء، وتعاطي المخدرات، والخمور، ومكاناً للتخطيط للسفريات العابثة، وبعد العودة استعراض البطولات والمغامرات لأعضاء الاستراحة بما فعلوه في سفرهم، فيزيدون الطين بلة، فبعد أن ستر الله عليهم يفضحون أنفسهم، ويهتكون سترهم بالتفاخر بما فعلوه، ويسرد كل واحد منهم مواقفه المشينة دون حياء من الله أو من خلقه.
اسألوا رجال الهيئة، ورجال الأمن عن بعض البلاغات التي ترد إليهم في بعض الاستراحات والشاليهات، وما يرد فيها من مشاكل أخلاقية، بل وجنائية، حينما يرتفع مؤشر (المسطلين) فتبدأ المشاكل و(الخناقات) وينتهي بعضها بالقتل وبأفعال سلوكية لا تصدر من (حيوانات) - أعزكم الله -.
الترفيه عن النفس مطلب نفيس، ولا سيما من يكون جدول أعمالهم مزدحماً يومياً بالهموم البدنية والنفسية، ويحتاجون إلى الراحة والاسترخاء والترفيه عن النفس، لكن هذا لا يعني أن يكون على حساب الأسرة والزوجة والأولاد، فإن الترفيه عن الأهل مطلب أيضاً لتغيير الأجواء المنزلية الرتيبة، لكن هذه الأماكن تحوَّلت إلى وباء حينما استحوذت الشلة الفاسدة على هذه الأماكن، وأصبح الأهل محرومين منها، وتحوَّلت للأصدقاء والأصحاب، وبدلاً من أن يلتم شمل العائلة في هذا المكان صار (حصرياً) على نوعية من الأصحاب محل الشبهة.
كانت الاستراحات، ولا يزال الكثير منها ولله الحمد مقصداً لراحة الأسرة، واجتماع عوائل كثيرة، بل إن كثيراً من العوائل أصبح لديها اجتماعات دورية، ونمت فيها روح الألفة من خلال هذه الاستراحات، والمخيمات، والديوانيات، والمجالس، يلتقون فيها بصفة دورية، وخصص رب الأسرة يوماً في نهاية الأسبوع لأسرته يقضي معها ما شاء من الوقت، وصارت ركناً ومكاناً مباركاً فيه الاجتماع والألفة والمودة، في حين أن هناك استراحات وشاليهات شاذة موبوءة مظلمة حسياً ومعنوياً، الشيطان فيها يرتع ويرثع، لا يقصدها سوى رفاق السوء، لا يجتمعون على خير، يتلفت الواحد منهم يمنة ويسرة قبل أن يدلف إليها، يزين له الشيطان السعادة والراحة، ويخرج منها وهو أشد كآبة وأسوء حالاً.
وهناك استراحات أخرى أفضل حالاً مما ذكرت، وتخلو من رفاق السوء، لكنها مضيعة للوقت، حينما يقضي رب الأسرة الساعات الطوال حتى وقت الفجر وهو يلعب (البلوت)، وربما يتأخر عن الصلاة المكتوبة، ويتأخر عن عمله، فيضيّع دينه ودنياه، وقد أضاع من قبل بيته، وأهمل أهله وأولاده، فلا يقضي لهم حاجة، ولا يتولى أمراً لهم، ولا يشرف على دراستهم، لا يعلم متى عاد أبناؤه من خارج المنزل، وفيم يقضون وقتهم؟.. ورمى بحملهم وثقلهم على أمهم الضعيفة، أو على الخدم والسائقين، وإذا عاد إلى المنزل وجدهم نياماً، وإن قابلوه كان عابس الوجه، وقد كانت ضحكته في الاستراحة والشالية والديوانية تملأ المكان، وتزعج الجيران!!
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله)، وإدمان الاستراحات والشاليهات والديوانيات على خير أو على باطل إهمال لحق الأولاد، ولحق الزوجة، وحق الإنسان نفسه، حين يدمن السهر، وتضيع واجباته الدينية والدنيوية.
alomari1420@yahoo.com