عنيزة - فهد الفاضل
تشهد أسواق بيع أجهزة الهواتف المحمولة (الجوالات) حركة تجارية كبيرة، واللافت فيها أنها لا تعترف بمعايير معينة تحدد تحركها، فالحركة الدؤوب لا تتوجه غالباً باتجاه واحد، بل كل الطرق متاحة، حيث يحتل بيع الأجهزة المستعملة الأولوية، وكذلك تحميل البرامج والصيانة، بالإضافة إلى الأهم وهو تداول شرائح الجوال (مسبقة الدفع) بأرقامها وباقاتها. تلك الأسواق المتفرقة تحولت بالتجاور إلى مجمعات أنعشت فيها الحركة التجارية.وفي جولة (الجزيرة) على أحد المجمعات التي تفنن أصحابها بوضع كافة وسائل التحسين لتحقيق عوامل الجذب، كما استوعبت شرائح مختلفة من شباب وكبار، لكن يغلب عليها كثرة العمالة الأجنبية، خاصة الهندية والبنغالية، ولا يمكن إغفال جانب التستر فيها والذي يتضح جلياً من المجهودات الخارقة التي يبذلها العاملون فيها وكأنها بشكل أو بآخر من ممتلكاتهم الخاصة، وهو معيار يمكن الاعتداد به في مجالات عديدة، إذ لا يمكن القبول ببذل العمالة جهوداً فوق العادة لمجرد الحصول على راتب فقط. يقول حمد الدكماري أحد المتخصصين في مجال الاتصالات اننا نعيش ثورة اتصالات غير مسبوقة، وسوق الجوالات في المملكة يعتبر من الأسواق العالمية من حيث كمية المبيعات التي جاءت كنتيجة للركض خلف الشراء من فئات اعتادت على التغيير بالنسبة للجديد، وحرصت على الشراء والكسب بالنسبة لبعض المقيمين، وهؤلاء يحرصون في الغالب قبل سفرهم إلى بلادهم على شراء العديد من الأجهزة الحديثة وبيعها هناك، أو إرسالها لمن يتولى بيعها نظراً لفارق السعر ولسهولة الحصول على الأجهزة الحديثة، التي تجد الشركات العالمية رواجاً كبيراً لمنتجاتها في السوق السعودية والخليجية عموماً وبأسعار تقل عن كثير من الدول، بالإضافة إلى التحديث المستمر، فلا تكاد أيام معدودة تمر إلا وقد نزل منتج جديد، يتهافت على اقتنائه هواة التجديد، وخاصة النساء وصغار السن من الشباب، ولا علاقة للمستوى الاقتصادي للفرد باقتناء نوعيات محددة، فالكل سواء، لكن يبقى الكبار وحدهم من يحتفظون بجهازهم مدة أطول، والأجانب يحرصون على الأجهزة القديمة أو التقليدية والتي تؤدي الغرض والأولوية للاتصال، بينما يتجه الحرص على المميزات التقنية بالنسبة للفئات الأخرى، كما أن الإكسسوارات لها نصيب من الاهتمام، وهي تأتي غالباً فوق البيعة.أما أحمد الأوصابي فيرى أن توفر السيولة المادية هي العامل الأهم بالنسبة لنجاح محل وعدم نجاح أو فشل غيره، إذ لابد أن تتوفر سيولة مقنعة لدى البائع كي يتمكن من تحريك وإثراء محله خاصة فيما يتعلق بشراء وبيع الأجهزة المستعملة، والتي يعتمد عليها كثيراً في أسواق الجوالات في تحقيق الربح وهي غالباً أهم من الأجهزة الجديدة، كما أن السيولة إن توفرت تؤمن شراء الأجهزة الجديدة (نقد) لأن تأمين الأجهزة بالدفع الآجل يقلل من نسبة الربح، فالمكسب بالدفع العاجل يحقق ربحاً يتراوح بين ثلاثين وخمسين ريالاً، بينما الدفع للموزعين بالآجل ربما يجعل المكسب في الجهاز الواحد لا يتجاوز عشرة ريالات، وكثيرون هم الذين يقومون بتأمين أجهزة بعدد غير محدد وتتم المحاسبة بينهم وبين الموزعين على تصريف الأجهزة، وهو ما يقلل إمكانية الربح التي يحققها الدفع العاجل، لكنه يساهم في زيادة الإقبال على هذه المحلات وبالتالي زيادة مبيعات الجديد.ويعود الدكماري ليؤكد على أن الموردين المعتمدين هم الشريك الأكبر للشركات الصانعة في الربح من توفير الأجهزة، ويمكن القول أن جهازاً قيمته ألفي ريال يحقق نسبة ربح لا تقل عن 20% أما المحلات فلها النسبة الأقل، ومع ذلك يبقى السوق مجالاً خصباً للربح حتى وإن كثرت المحلات بهذه الصورة التي تشبه الطفرة، وربما كانت فرصة جيدة لمن لا يستطيع الحصول على عمل فسيجد ذلك في سوق الجوالات.