Al Jazirah NewsPaper Friday  01/08/2008 G Issue 13091
الجمعة 29 رجب 1429   العدد  13091
الحوار الإداري
د. عبد الله بن سليمان العمار

الحوار بصفة عامة مفهوم إسلامي بناه القرآن الكريم منذ الأزل، وهو يعتبر جزءاً من بنائنا العقلي والنفسي، بحيث لم يَعُد ممكناً تصوُّر الاستغناء عنه في أي جانب من جوانب الفكر والتصوُّر والسلوك، وهو مطلب حضاري وإنساني يدعو للاعتراف بالآخرين المشاركين في الفكره وعدم هضم حقوقهم. ويعتبر الحوار الإداري أسلوباً إدارياً متحضراً، ووسيلة من وسائل الاتصال الهامة الفاعلة التي لا يمكن الاستغناء عنها بأيِّ حال من الأحوال في المنظمة. والحوار الإداري يقوم على التفاوض والتفاهم بين الرئيس والمرؤوس لتحقيق مصالح عامة أوحل قضايا مشتركة، وله طرق كثيرة مباشرة وغير مباشرة، كالاجتماعات والندوات والمراسلات والمكالمات الهاتفية ... إلخ.

إنّ إجادة فن المحاورة وتقبُّل النقد من العاملين في المنظمة، تعتبر سمة فردية وميزة إنسانية يتميّز من هو في موقع المسئولية من رئيس ومدير وغيره ... إلخ، وهذا يتطلّب التحلِّي بالحلم والصبر والمعرفة بما يريد طرحه ومناقشته، حتى يكون محاوراً ناجحاً مؤثراً في غيره.

إنّ المدير الناجح هو الذي يشارك العاملين معه بأفكاره ويناقشها معهم، فهو يعمل على تزويد العاملين بالتعليمات اللازمة بقراراته وأهدافه وأساليبه وخططه المستقبلية، والتعرُّف على أوضاع العمل، وإحاطة العاملين معه بالمستجدات، وبطريقة المدير وأسلوبه الحواري يتحقّق التعاون والدعم والتنسيق المشترك بين الإدارة والعاملين فيها، بعيداً عن العشوائية والازدواجية، ويحصل المزيد من التلاحم والتكاتف والارتياح النفسي بين العاملين أنفسهم، وبذلك يتم تحقيق الأهداف المرجوّة في الإدارة.

ومما لاشك فيه أنّ إشراك العاملين بفعالية في الحوار يحتاج إلى ذكاء من الإدارة ووضوح في التفاهم، وحتى ينجح الحوار بين المدير والعاملين معه، فلا بدّ أن يتمتع المدير بالكفاءة في المحاورة والقدرة على التأثير في الآخرين، وذلك عن طريق استخدام عدد من الوسائل المناسبة والمؤثّرة لإيصال فكرته للعاملين معه، ومنها استخدام لغة واضحة سهلة مفهومة لا تقبل التأويل، وأن يكون قول المدير مفهوماً وفكرته واضحه وقابلة للتطبيق، وكذلك عقد الندوات والاجتماعات الدورية مع العاملين، حيث يُعَد ذلك من أنجح أساليب مشاركة الآخرين من العاملين في الأفكار، وإبداء الاقتراحات وسماع الانتقادات واتخاذ القرارات المناسبة، وكلما شعر المدير بأنّ رسالته غير واضحه أو غير مفهومه، فعليه استخدام أسلوب التكرار في طرح الفكرة بصورة واضحة سهلة الفهم للعاملين، وهذا الأسلوب من الحوار وإشراك العاملين في اتخاذ القرارات يزرع في العاملين المزيد من التعاون والثقة مع الإدارة.

وخلاصة القول: إنّ ثقافة الحوار الإداري في المنظمة، تعمل على تنمية قدرات العاملين على الاندماج مع بعضهم البعض، وتنمية التفاعل المعرفي والسلوكي، كما أنّ تجاهل الحوار مع العاملين من قِبل الإدارة يسبب خللاً في المنظومة الإدارية، ويشعر العاملين بعدم الراحة والاطمئنان وإلغاء لدورهم الفاعل في المنظمة، فالحوار والتشاور وأخذ النُّصح والاستفادة من تجارب العاملين، تُعَد طرقاً مكملة للنجاح الإداري والاستمرار نحو الأفضل، وهذا ما يميِّز المدير الناجح عن غيره.

ومن المتعارف عليه أنّ الفكر يقود العمل، وكلما ارتفع مستوى المدير ومعاونيه فكرياً، ارتفع مستوى أدائهم وازداد العمل نجاحاً وتألقاً، وهذا لا يتحقق بدون الحوار والنقاش بين أعضاء المنظمة، فكم من مدير ناجح كان من أسباب نجاحه حواره الهادف!



e-mail: aammar@saudiedi.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد