حتى نهاية عقد التسعينات كان المتابع الكروي لا تجذبه متابعة الليجا الإسبانية إلا بلقاء الكبيرين ريال مدريد وبرشلونة.. وكانت الغلبة في اجتذاب أنظار محبي ومتتبعي بطولات الدوري الأوروبي آنذاك منحصرة في الكالتشيو الإيطالي الذي تميز في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات بتواجد نخبة من نجوم كرة القدم يتقدمهم الفرنسي ميشيل بلاتيني.. ومع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات تميز الكالتشيو بتواجد الثلاثي الهولندي الشهير، إضافة إلى الأسطورة الأرجنتينية ديغو أرماندو ماردونا ومن ثم تدافعت المواهب التي أصبحت محل اهتمام العديد من محبي كرة القدم في العالم فمن منا لا يتذكر روبيرتو باجيو وجورج وياه وزين الدين زيدان ورونالدو.. والقائمة تطول.
** تواجد النجوم العالميين في بطولة أي دوري هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التي تجتذب أنظار محبي كرة القدم في العالم لمتابعة هذا الدوري منذُ انطلاقته حتى نهايته.
** من هذا الباب عملت الحكومة الإسبانية بقيادة الملك الرياضي خوان كارلوس أحد أكبر عشاق كرة القدم وبالأخص فريق ريال مدريد على استقطاب أفضل نجوم اللعبة للعب في بطولة الدوري الإسباني ورفع أسهم الليجا بين بطولات الدوري على مستوى العالم وليس أوروبا وحسب.
** البداية القوية كانت بانتقال الفرنسي زين الدين زيدان من صفوف يوفنتوس لصفوف ريال مدريد في صفقة كبيرة بلغت 65 مليون دولار.. حيث تعتبر الصفقة أحد أهم الأسباب التي دفعت بالعديد من محبي كرة القدم للاهتمام بمتابعة الليجا.. وتبعها بعد ذلك عدة صفقات تمثلت باستقطاب عدة أسماء كبيرة أبرزها رونالدو من الإنتر الإيطالي وبيكهام من مانشستر يونايتد الإنجليزي ورونالدينهو من فريق باريس سان جيرمان الإنجليزي.. صفقات جعلت من الليجا الإسبانية المطلب الأول للمشاهد والمتابع الكروي في العالم.
** يتنافس الإسبان والإنجليز والطليان على الظفر بتواقيع النجوم العالميين لتقوية صفوف فرقهم ولجذب اهتمامات أنظار محبي كرة القدم لبطولاتهم؛ وبالتالي تسويق تلك البطولات بشكل يدر المزيد من الأموال على الأندية من خلال بيع حقوق النقل التلفزيوني.
** يجب أن يعي المتابع الكروي أن تفوق الليجا على الكالتشيو لم يأت إلا بعد دعم كبير وكبير جداً من قبل الحكومة الإسبانية.. خاصة أنه في الآونة الأخيرة ظهرت على السطح العديد من الخفايا التي عكست لنا مدى القفزة الهائلة التي قامت بها الحكومة الإسبانية لجعل الليجا تتربع على القمة.. حيث ثبت حسب آخر التقارير الواردة من إسبانيا أن الأندية الإسبانية عليها مبالغ ضريبية لم يتم سدادها وصلت إلى ما يقارب 607 ملايين يورو.. وبعض الأندية لم يسدد مبالغ الضمان الاجتماعي التي من المفترض عليه سدادها.. وأوضحت التقارير أن الحكومة وضعت في الاعتبار أن تلك المبالغ لن يتم تسديدها من قبل الأندية وسيتم تغطيتها.. وهو ما دفع بالأندية للتفرغ والتفنن في التعاقدات والمزايدات والقيام بالإغراءات المادية للنجوم العالميين عن طريق تقديم عروض مالية كبيرة ورواتب سنوية عالية.
** على العكس تماماً يحدث في إيطاليا.. حيث إن الحكومة الإيطالية تدر على خزائنها مبالغ طائلة للغاية من الأموال الضريبية التي تلتزم الأندية الإيطالية بسدادها سنوياً.. وهو ما أضاع على الأندية الإيطالية فرصة التعاقد مع نجوم كبار أو على الأقل المحافظة على نجومها من الانتقال لإسبانيا وإنجلترا.
** مطالب السيد أدريانو جالياني رئيس نادي ميلان بأن يتم تخفيض الضرائب على الأندية الإيطالية لتنافس الأندية الإنجليزية والإسبانية في اجتذاب النجوم وتسويق بطولة الكالتشيو لتحقيق مزيد من الأرباح لم تأت من فراغ.. بل إنها جاءت بعد أن ظهر للعيان الدعم الكبير من الحكومة الإسبانية والإنجليزية لأنديتهم.. بينما يعاني ميلان والإنتر واليوفنتوس وروما ولاتسيو من المحافظة على نجومهم أو التوقيع مع نجوم كبار.
** في حال استجابة الحكومة الإيطالية لمطالب جالياني وتخفيض نسبة الضرائب على الأندية لدعمها (وهو أمر شبه مستحيل) فإن الكالتشيو سيعود إلى مكانه الطبيعي الذي افتقده منذُ سنوات.. فمهما كانت أضواء الليجا وكثرة أهداف البراميرشب فإن للكالتشيو نكهة وإثارة كبيرة لا يعرف مذاقها إلا من سمع كلمات بيليه عندما أطلق على ميلان لقب فريق الأحلام، وكلمات مارادونا وهو يصف إيطاليا بأنها جنة كرة القدم.. وكلمات بلاتيني وهو يتساءل عن المستويات الكبيرة التي قدمها كريستيانو رونالدو في إنجلترا: هل بإمكانه تقديم نفس المستويات وهو يلعب في الكالتشيو.. في إشارة واضحة منه إلى أن الكالتشيو أقوى البطولات وأصعبها دون منافس؟
للتواصل عبر الإيميل Khaled_altayyash@hotmail.com