تأكدي بأنني لم أدس قلمي في غمده...
ولم أغلق عن دواتي نبعها...
كما لم أطو قراطيسي وأقفو ظل فكرة أو نداء حرف...
لا أزال على عهدك بي... في فوضى الورق... وعبث الأفكار... وزخم الأحبار...
صغيري الذي كبر يصبحني كل فجر بالسؤال الذي كنتِ تصبحينني به: لملمي هذه الأوراق وامنحيها دفء الغلافين... لكنني أشعر بأنني سأسجنها...
وفكرة أن أكون سجانة لا أحتملها...
هذا الصباح مع أبخرة القهوة ذهبت أتأمل وجهك نوَّارة...
دبيب عميق لكنه موقظ سرى من وريدي لبلعومي...
اختلطت قهوتي بدموعي...
كانت هناك أشياء كثيرة تتهاطل على كوب القهوة منكِ حتى أنني كنت أشربه ولا ينتهي...
هذه الأرفف المكتظة... وتلك الإضبارات الشامخة المكتنزة بالورق... وقصاصات لاحصر لها...
وصوتي له تدرجات طبقية لا أحسب أن طبيبتي التي في المرة الأخيرة عالجتني من أزمة برد قد تفكر في المرور على حباله بينما كلما هاتفتني واحدة من العابرات بي تميزه فيما تدهشني ذواكرهن اليافعة بطهر الوفاء...
وجوه عديدة طفرت تتراقص فوق أبخرة القهوة وأنت كنتِ تشيرين إلي أن أحتفظ بمقاعد في جوفي كي تستريح...
الله يا نوارة كيف تستريح الطيوف العابرة في الصدر؟
أي أروقة قادرة على الاتساع لمقاعد العابرين...؟
كنت تشيرين إلى قلمي وأنتِ تؤكدين أن مكامن القلوب هي بصمات الحروف...
وأعود أتأمل هذا الكم الكثيف الذي يداعبني سؤال (معين) كل فجر أو عند حوار... أو ونحن نتذاكر أمراً أو نناقش فكرة: لملمي هذا بين دفء غلافين...
وتعودين لي وأعود أتخيلني كيف سأكون سجانة...
هذا الصباح الواقفة الوحيدة بين حافة فنجان قهوتي ودواتي أنتِ: تدفقت أحبارها...
كنتُ أمسح خديَّ حيث أدركت أن لا مناص من اليقين...
هناك تكوين آخر لمعنى أن أفكر وأن أكتب وأن أحبِّر وأن أحتسي قهوتي معكِ... وهو أن أجدكِ في (معين)... بعد أن حملته قدماه ليطول أول ورقة كتبتها في حضرتك... ويسمعني عندلة حنانك... ويعيدني لسؤالك...
فإنك به تحضرين...
فلنتم احتساء القهوة ونطعم العصافير...