«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
توقع تقرير اقتصادي أن يكون القطاع الخاص في المملكة مسؤولاً عن حوالي 90% من الإنفاق الاستثماري في 2024 أي بزيادة تقترب من 75% عن عام 2004، وسيكون تركيز الدولة في المستقبل على الطاقة والنقل والصناعات القائمة على المعرفة. وقال التقرير: تستطيع المملكة أن تنافس عالمياً من حيث التكلفة في قطاع الطاقة، في حين أن خطط التنمية المستقبلية ينبغي أن تزيد من قدرتها التنافسية في القطاعين الآخرين. ومن المتوقع أن يكون الجزء الأكبر من الاستثمار في البنية التحتية المادية مثل الطرق والبناء. وأكد التقرير على استمرار الأداء القوي للاقتصاد السعودي وذلك مع ارتفاع أسعار النفط.
وأشار التقرير الصادر عن رنا للاستثمار، إلى ارتفاع حصة صادرات النفط بإيرادات الحكومة إلى حوالي 90% عام 2007، من 80.6% عام 2002. تضاعف دخل الحكومة ثلاثة أضعافه تقريباً بقيمة 621.5 مليار ريال منذ عام 2002، مما يتيح ل (CAGR) بزيادة تقدر ب 450 مليار بنسبة 13.7%، وبالرغم من أن الحكومة قد وضعت هدفاً لميزانية محافظة تقدر ب 450 مليار ريال في صورة إيرادات ومصروفات تقدر ب 410 مليار ريال لعام 2008، ومن المرجح أن يتم تجاوز هذا الحد إذا ظلت أسعار النفط ثابتة. وحتى لو تغيرت طفيفاً، فإنها لن تؤثر مادياً على الإنفاق الحكومي حسب توقعات ميزانية عام 2008 على افتراض سعر النفط السعودي 40 - 45 دولاراً أمريكياً للبرميل، وهو أقل بكثير من المستويات الحالية.
وقال التقرير إن هناك ثلاثة عوامل سيكون لها الصالح في تحسن مستقبل الأداء الاقتصادي للقطاع غير النفطي بالمملكة، وهي: أسعار النفط الجيدة والإصلاحات وزيادة السيولة.
وأبان ان ارتفاع أسعار النفط سيسمح للحكومة بالحفاظ على الإنفاق المالي واسع المجال، شريطة الحذر من التضخم. زادت إنفاق استهلاكي حكومي نهائي (GFCE) من 22.2% في عام 2005 إلى 25.2% من الإجمالي الاسمي للناتج المحلي في عام 2006م.
وأوضح أن الإصلاح مثل الخصخصة والسياسات التجارية المواتية، مثل تخفيض الضرائب على الشركات الأجنبية سيزيد من الاستثمارات، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار وفرص العمل. تم زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 13.6% إلى 194 مليار ريال في عام 2006. وتزايد إجمالي مكون رأس المال الثابت إلى 17% من إجمالي الناتج المحلي الاسمي في عام 2006 وأعلى من 16.5% في عام 2005م.
اما عن زيادة السيولة فيقول التقرير: نتيجة للعاملين المشار إلىهما أعلاه، سيتم زيادة الاستهلاك. وسيتم عكس اتجاه خفض سعر الريبو إلى 2.25% مما يؤدي إلى زيادة السيولة.
وقال التقرير: لقد أسفرت إيرادات وعوائد صادرات النفط المرتفعة والمبادرات الحكومية لتحسين النمو الاقتصادي في الوقت الراهن عن تشكيل إنفاق استهلاكي حكومي نهائي (GFCE) يبلغ 25.2%من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في مقابل 22.2% في عام 2005. تمثل زيادة الإنفاق الحكومي علامة ايجابية لأي اقتصاد، حيث انه يزيد من ضخ النقود في الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص على الإنفاق. ونتيجة لذلك، نمت نفقات الاستهلاك النهائي الخاص (PFCE) بصورة قوية ونشطة بنسبة 6.5% في عام 2006 وشكلت 25.5% من إجمالي الناتج المحلي الاسمي. ارتفع إجمالي مكون رأس المال الثابت (GFCF) إلى 17% من إجمالي الناتج المحلي الاسمي في عام 2006، أعلى من 16.5% في عام 2005 مما يشير إلى زيادة في الاستثمارات من جانب القطاع الخاص لزيادة الإنتاج، مرة أخرى للمؤشر أيجابي لازدهار الاستهلاك المتوقع الذي يقود الاستثمارات الحالية.
وذكر التقرير أن المملكة تعد أكبر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط. كما انها أكبر منتج للنفط في العالم، حيث يمثل إنتاجها حوالي 20% من إجمالي احتياطي النفط العالمي، وقد لعب ارتفاع أسعار النفط دوراً محورياً في ازدهار اقتصاد المملكة في السنوات الخمس الماضية. فالدولة تركز الآن تقليل الاعتماد على النفط، من خلال تنويع الصناعات الجديدة وتعزيز الاستثمار وعدم استهلاك الاقتصاد.
وأكد التقرير على أن هناك عاملين من الممكن أن يؤثرا على أداء المملكة، وهما التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي. فالتضخم كان مرتفعاً خلال 27 سنة ويمكن للولايات المتحدة أن تدخل في دائرة الركود (الكساد). وإزاء هذه الخلفية، فإن الحكومة قد تضطر إلى إجراء نمو معتدل. وبالنسبة لأسواق الأسهم السعودية فلديها علاقة ارتباطية بالأسواق العالمية بصورة منخفضة على أساس طويل الأجل. وبعد أن شهدت تصويبين، في عام 2006 وبداية عام 2008، ويبدو أن مخاطر الهبوط محدودة.
وقال التقرير: من المرجح أن يهيمن الشرق الأوسط على صناعة البتروكيماويات في العالم ويرجع ذلك إلى الميزة التنافسية للمخزون المتوافر. وانخفاض تكلفة الإنتاج، والشركة الرائدة في البتروكيماويات (سابك SABIC) تتوقع أن يرفع الشرق الأوسط حصته في السوق العالمية لصناعة البتروكيماويات من 10% في عام 2000 إلى 17% بحلول عام 2010. تزيد دول مجلس التعاون الخليجي من قدرتها لتلبية زيادة طلب الأسواق الناشئة في المستقبل، والتي سوف تكون اكبر من طلب البلدان الغربية. يشهد قطاع العقارات نشاطاً إنمائياً هائلاً. فحجم المشاريع في هذا القطاع واسع النطاق ليس له مثيل وغير مسبوق، وتطوير ست مدن اقتصادية سوف يعد أحد الأمثلة على ذلك.
ومن المرجح أن يبقى سيناريو العرض والطلب في صالح المطورين، تعد المملكة العربية السعودية الأسرع تزايداً في نمو السكان في العالم. فستكون هناك حاجة إلى ما يقرب من مليون وحدة سكنيه في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2009. خفض أسعار الفائدة من المؤكد أن يحفز على المزيد من الطلب على العقارات.
أما قطاع الاسمنت بالمملكة فسيكون أحد المستفيدين من البنية التحتية واسعة النطاق والنهضة العمرانية التي ستبدأ خلال العقد القادم. على الرغم من كونها صناعة مجزأة، إلاّ أنّ المشاركين قاموا بأداء جيد، كنتيجة لتزايد حجم السوق. وتوازن سيناريو العرض والطلب للمشاركين بصورة إيجابية. تحول قطاع الاتصالات من كونه احتكارياً إلى قطاع تنافسي كذلك، لذا فقد انخفض متوسط العائد لكل مستخدم (ARPU). كذلك، فإن مستوى الاختراق والتغلغل مرتفع في قطاع الجوال، مما يوفر نطاقاً محدوداً للنمو. ومع ذلك، فالخدمات الأخرى ذات القيمة المضافة مثل شبكة الانترنت تكون بتغلغل منخفض وتقدم إمكانيات هائلة للنمو.
وبالنسبة للقطاع المصرفي فهو المستفيد المباشر من النمو الاقتصادي، كما انه سيقوم بدور أساسي في توفير القروض لقطاع الشركات لتوسيع الخطط وللوفاء باستهلاك العملاء. ويعتقد التقرير بأنّ المضي قدماً والاتجاهات الديموغرافية ( السكانية) المواتية، وانخفاض الاختراق والتغلغل المصرفي القائم وارتفاع الاستثمار الخاص وزيادة المنافسة، كلها ستكون عوامل رئيسية في تمكين النمو المستقبلي للقطاع المصرفي السعودي.
ويرى التقرير أن التضخم لا يزال واحداً من الاهتمامات الرئيسية التي يمكن أن تحد من النمو الاقتصادي عن طريق التشديد على ما يخص الجوانب النقدية والمالية. فمع تغير مستوي الدولار اضطرت مؤسسة النقد السعودية أن تتبع سياسة الاحتياطي الفيدرالية بالولايات المتحدة وخفض سعر الفائدة، الأمر الذي يمكن من زيادة التضخم. الناتج عن السلع التي يتم استيرادها مع زيادة مستمرة من 19.6% (M3) عام 2007 و19.3% في عام 2006 بتقديم الدعم للاهتمام بالتضخم. كان التضخم يبلغ 4.1% في عام 2007 في مقابل 2.2% في عام 2006 ففي فبراير 2008 وصل التضخم إلى أعلى معدلاته خلال 27 عاماً إذا بلغ 8.7% نتجت الزيادة في معدل التضخم عن ارتفاع أسعار الأغذية والعقارات، ويعتبر أهم فئتين يحتاج إليهما الناس، تكلفة الترميم والإيجار والوقود والمياه بلغت أعلى معدلات زيادة لها عام 2007 في مقابل زيادة بيع 1% عام 2006. إن النقص في المعروض من المساكن هو المتسبب الأساسي في رفع أسعار الإيجار، وزادت تكلفة المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 7% في عام 2007 في مقابل 5.3% في عام 2006 ترجع في سببها إلى زيادة أسعار السلع الأساسية وأسعار المواد الغذائية المستوردة، نتيجة لخفض قيمة العملة، الارتفاع المتواصل في أسعر الإيجار والمواد الغذائية منذ عام 2003م.
وقد اتخذت الحكومة تدابير لمواجهة ارتفاع التضخم, في حين تسعي إلى الحفاظ على نمو مطرد وثابت من خلال إجراءات مثل زيادة الأجور في القطاع العام والمعاشات بنسبة 5% سنوياً للسنوات الثلاث القادمة وتخصيص الأموال والمدفوعات للتنمية العقارية . إن فائض الميزانية وضع الحكومة في موضع جيد لاتخاذ التدابير التي تزيد النمو والإنفاق والتي تحمي عامة الناس من ارتفاع الأسعار.