كنت ولا زلت أحلم بأن أكون شخصاً طيفي الأثر..
أريد أن أكون مثل الطيف في حياة الآخرين..
شيء خفيف يمر بسهولة!
دون أن يترك أثراً بالغاً.. أو قاسياً.. أو حتى جميلاً مبالغاً فيه!
أتمنى لو استطعت أن أقوم بدور العصفور..
الذي يعبر الفضاءات إعلاناً دون أن يترك أثراً فيها..
يا له من محظوظ!!
أخاف من العبور المفخخ..
أخاف منه.. وأحذره قدر استطاعتي!
هنالك من يعبر حياتنا عبوراً مفخخاً.. لا ندري ساعة انفجاره!
يعبرنا.. ويترك أثراً في حياتنا لا يمكن لأحد أن يمحوه..
هؤلاء يرعبونني!!
يا ترى ما الأثر الذي نتركه حينما نعبر حياة آخر..؟
بغض النظر من هو هذا الآخر..؟
فربما يكون.. أخاً، صديقاً، جاراً، زميل عمل، حبيباً..
وقد يكون زميل سفر أو دراسة أو شخصاً يقف بسيارته بجانبنا عند إشارة مرور!..
أي إنسان يترك أثراً فينا، سواء علم بذلك أم لم يعلم؟
هناك أناس نلتقيهم مرة في حياتنا..
فرصة واحدة فقط تمنحنا إياها الحياة، لنعبرهم أو ليعبرونا!
مرة واحدة فقط ليترك كل واحد منا أثراً في الآخر..
ويا ترى أي أثر؟
هؤلاء لا يسمح لهم أو لنا بتكرار الخطأ..
هي مرة واحدة فقط.. وتصرخ الحياة فينا
Time is up
معلنة انتهاء الوقت..
هؤلاء لا يمكننا تعديل أخطائنا معهم..
ولا يمكنهم أيضاً هم فعل ذلك معنا..
إنها الفرصة الواحدة التي لا تتكرر!
بعض الأحيان تقف في مكان ما؛ فتجد إنساناً يدخل..
يملأ المكان بطيبته.. بخفة روحه..
وتشعر بحق أنه ترك فيك أثراً طيباً، ورائعاً..
ربما هذا الإنسان لم يتحدث معك.. ولا حتى مع أي أحد!
ولكن حضوره يكون كافياً لترك أثر جميل..
أو تدخل إلى مكان ما..
وبنظرة عابرة scan تمر على من هم قبلك في المكان ذاته..
فتكشف أن أحدهم ينتظرك.. رغم أنك لا تعرفه!
ليترك فيك أثراً طيباً..
بحركته بإيماءاته بابتسامته!
أو حتى بحديثه مع الآخرين..
أخاف كثيراً من ترك الأثر
أخاف أن أترك أثراً ثقيلاً على الآخرين..
لا أدري لماذا أنا مهووس بهذا الأمر إلى حدّ الجنون..
وأتساءل: هل هذه حساسية تجاه الناس والأشياء.. والأفعال والتصرفات!
أم أنها محاولة لعدم السماح للآخرين باختراقي...؟؟
وهل أنا بالفعل محصن ضد ذلك؟؟
أم أن المسألة لا تعدو كونها خدعة.. أو كذبة أخرى أعيشها..؟
أذكر مرة أن أحد العاملين في الحرم النبوي الشريف..
كان يمر بمحاذاتي.. وهو يؤدي عمله..
فقلت له: كيف حالك؟ فرد: الحمد لله!
لقد أدهشني ذلك الإنسان..
وترك فيّ أثراً لا أزال أجده في داخلي إلى الآن..
لقد قال كلمة (الحمد لله) بطريقة كلها رضا!..
ولقد شعرت حينها أنه صادق في ذلك..
ويعني هذه الكلمة من كل قلبه!..
عبدالعزيز عبدالرحمن اليوسف