التعليم وحده لا يكفي في بناء الخبرات، فالإنسان يحتاج إلى الخبرة، هناك أمثلة كثيرة في العالم، حيث نمت بعض الدول خبرات أبنائها، بالاعتماد الكلي عليهم مثل ألمانيا واليابان وغيرهما. أما في بعض البلدان النامية، الغنية بمواردها، فالوزراء فيها وحكام مقاطعاتها يبحثون في العالم المتقدم
عن الخبراء ذوي الأسماء اللامعة، والشركات الاستشارية، ويجلبونها الواحد بعد الآخر، وكل من هؤلاء الخبراء، والشركات، يؤدي ما يطلب منه ويذهب إلا بلده، وغاب عن كثير من الوزراء وحكام المقاطعات أن هناك في بلدهم، ناسا قضوا عمرهم، وهم يخدمون بلدهم بكل صدق وأمانة، بحيث تكونت لديهم خبرة تفوق خبرة أغلب هؤلاء الأجانب، لكن عزة النفس لديهم تمنعهم من التملق، ولا يحبون أن يتطفلوا على الوزراء أو حكام المناطق، بسبب عدم دعوتهم واستشارتهم في كثير من الأمور.
وكل وزير وحاكم مقاطعة يفتخر بإحضاره للخبير الفلاني العالمي، إيماناً بالمثل الذي يقول:
The grass is always greener
(on the other side of the fence)
وأيضاً من واقع عقدة الأجنبي، وفي نفس الوقت كل خبير وطني مختص بأمور البلد، يموت حسرة في حياته، وهو ينظر يمينا وشمالا، لا أحد يستشيره، والأجنبي يحضر، ويمكث فترة قصيرة، يكرم، ويمنح المال الكثير والدروع، ويذهب إلى بلده، وبعد فترة يكتب خطابا لحاكم آخر من حكام المقاطعات، يعرض عليه خبرته، ومن كرم حكام المقاطعات وحاجتهم لتطوير مناطقهم وكرمهم وأنهم لا يرفضون طلبات الأجانب المشهورين، وغاب عن بعضهم أن في بلدهم خبراء إما من المتقاعدين أو ممن يعمل حالياً في الدولة، لكن في موقع آخر مثل جامعة، أو شركة، أو.... أو.... في حاجة لزيادة خبراتهم، وخدمة بلادهم.
ماذا يحدث لتلك الدول، يقال إن الخبراء فيه يموتون الواحد بعد الآخر، ولا يستفاد منهم، ومن كثرة الأجانب في ذلك البلد، يقال إن أحد أبناء ذلك الوطن عندما سأل؟ هل الجنس متعة أو عمل، فكانت إجابته بأنه متعة، لأنه لو كان عملاً لأحضر له خبيرا أجنبيا. لذلك تلك الدول تبقى كل الدهر تعتمد على الشركات والخبرات الأجنبية، وتظل قدرات الكثير من أبناء تلك الدول لم تطور، ولم تزدد خبرتهم، ولم يستثمر المال في زيادة تنمية العقول البشرية لأبنائه الخبراء. لذلك لم يكن في تلك الدول شيء تفتخر به ولم يتبق لديها من الخبراء إلا القليل، لأنهم لم يطوروا القدرات البشرية فيها، لتجعلها من الدول المتقدمة، وظلت يطلق عليها دول من العالم الثالث، وأن ما تشهده بعض من تلك الدول من تطور ونهضة ما هي إلا نهضة زائفة مؤقتة لأن التقدم الحقيقي لأي بلد، يكمن في عدد من تملكهم من العقول البشرية المدربة والخبراء المتخصصين في كل مجال وتطويرهم، الذين يعملون على رفعة ذلك البلد من واقع حسهم الوطني.
وللأسف تلك الدول النامية لم تستفد من دروس البلاد الأخرى التي أصبحت في فترة بسيطة من الدول المتقدمة، بسبب اعتمادها على تنمية وتطوير قدرات وعقول مواطنيها مثل ألمانيا واليابان وكوريا وماليزيا التي تعد من الدول المتقدمة، وكيف أن تلك الدول عملت على تنمية وزيادة خبرة علمائها، بإشراكهم في كل صغيرة وكبيرة، وأيضاً غاب عن نظرهم أن التخطيط السليم والاستثمار في القوى البشرية الوطنية، هو مقياس التقدم والتطور. لأن هذه القدرات الوطنية هي الباقية لأي بلد، والتي بالتالي ستعمل على تطوير الأجيال القادمة من الخبراء. لكن هناك مصيبة كبيرة في بعض الدول ولدى البعض وهي (عقدة الأجنبي).
بعض تلك الدول بها أعداد كبيرة من العاطلين، مع وجود أعداد ضخمة من الأجانب الذين يعملون في تلك البلدان، لدرجة أنك إذا مشيت في شوارع تلك البلد، لا تشاهد إلا أجانب. فهل يتعظ حكام العالم الإسلامي جميعاً، أنه لرقي بلادهم يجب الاعتماد على تطوير وزيادة خبرة، وتنمية عقول أبنائه العلماء. حتى لا تظل بعض من تلك الدول متأخرة.
Abdulmalikalkhayal@hotmail.com