أود من القارئ الكريم التفضل باستحضار مشاعره وكيف ستكون حينما تطلب منه جهة رسمية إثبات بقائه في قائمة الأحياء ليتم التعامل معه على أساس أنه كائن حي. وهذا ما تفعله المؤسسة العامة للتقاعد، ومع من؟! مع مواطنين متقاعدين عن العمل بعد أن أفنوا زهرة شبابهم خدمة لوطنهم ومجتمعهم وكادحين طلباً للرزق الحلال، أو ممن يستفيدون من تقاعد هؤلاء مجبرين غير مختارين أو أنهم لو وجدوا الأفضل لما التفتوا إلى هذا العناء. ثم إن مردود التقاعد حق مشروع للمتقاعد ولمن يستفيد منه من ذويه من بعده، وهو ما تكفله الأنظمة والقوانين، حيث إنه حق مستقطع من مرتب الموظف قبل تقاعده. والجهة المختصة بالمؤسسة تطلب إثبات الحياة بشاهدين وبمن يزكي الشاهدين، وكأن الأنظمة الحاسوبية والحكومة الإلكترونية لم تخلق بعد، وإن كان هناك حالات نادرة فلها حلول ميسرة دون تعكير نفسيات هؤلاء المستفيدين وغالبهم من كبار السن والأرامل والأيتام، ومنهم من لديه ظروف صحية قد تزيده هذه المعاملة ألماً على ألم، ويمكن للمؤسسة إن أرادت - ولعلها فعلاً كذلك - أن تتعاون مع الجهات ذات الاختصاص كما الأحوال المدنية للاتفاق على برنامج يمكنها من معرفة من هم على قيد الحياة وغيرهم، ويكون ذلك ضمن المنهج المتقدم الذي تعلن عنه المؤسسة في تعاملها مع هذه الفئات، باتباع آلية متحضرة إنسانية تنهي معاناتهم في الحصول على حقوقهم المشروعة دون مذلة أو إرهاق نفسي وجسدي.