غضب، بل استشاط غضباً من محاورتي له في موضوع هو ابتدأه وهو الذي حرص على مناقشته معي، قلت وبينت له ما اعتقدت أنه يتوافق مع الحق. والاختلاف بين الناس أمر مطلوب أحياناً لإثراء الرؤى والحلول طالما أن الغاية هي الوصول إلى الحق، لكنه تفاجأ بموقفي ورأيي الذي يخالف ما يراه في كثيره،

وكأنه صدم بموقفي معه فأخذته المفاجأة إلى حال أخرى تختلف عما بدأ بها، فتغير أسلوب كلامه وازدادت حدة عباراته وبدأ يحور موضوع النقاش إلى مفاضلات شخصية بينه وبيني وكأنه أسرج فرسه وسل سيفه لحرب رسمها عقله لا بد وأن يحرز النصر فيها.

التغير في طريقة الحوار، وفيما اكتنفه من استياء ومشاعر ثارت على موضوعية الحوار لا توصلنا لغير التناحر والمنافسة غير المحمودة أسكتني، فالقصد أن نتحاور في أمر قد تختلف على بعض تفاصيله، وفي السبل الموصلة إليه، لكننا نتفق على الوصول لغاية الحق فيه، وعندما شعرت أننا لن نحقق هذا التزمت الصمت لقناعتي أن لكل حال حدوداً دنيا يجب أن تتوقف عندها الأمور، لكن سكوتي هذا أغواه كثيراً، وظن أنه بلغ الطريقة المثلى لتحقيق ما اعتبره انتصارا في محاورته معي بعد أن تغيرت مسارات الأمور في رأيه إلى خصومة ومنافسة شخصية بينه وبيني لا يفلح فيها إلا من استعلى على خصمه، فتمادى في التشدق بمفرداته وهمزه ولمزه لتبيان أفضليته، بعد هذا بأيام معدودة تابعته على إحدى القنوات الفضائية وهو يصدح بعبارات رنانة بليغة ويبين قيمة الاختلاف ويدعو بحماس غريب إلى تعزيز الحوار بين الناس ويؤكد أن على المتحاورين الابتعاد عن شخصنة موضوعات ما يتحاورون فيه.. فحمدت الله.. والله المستعان.