يعرف اقتصاد الظل بأنه أي نشاط لا يمكن حسابه ضمن الناتج الوطني، ويندرج تحت هذا الاسم العديد من النشاطات التي تعتبر إيراداتها خارج الحسابات ويبرز اقتصاد الظل في الدول الناشئة والنامية بشكل رئيسي نتيجة ضعف الأنظمة الرقابية التي تحد منه وعدم التوسع في مجال الضرائب على هذه النوعية من المهن التي عادة ما يشغلها الوافدون العاملون بمنشآت تجارية اقرب لكونها وهمية، أي تحمل اسم صاحبها بينما تشغل بطريقة معروفة وهي دفع مبالغ شهرية للكفيل صاحب المنشأة.
وقد أظهرت إحصائية صدرت العام الماضي عن غرفة تجارة الشرقية أن العمالة الوافدة التي تمارس نشاطها بقطاع المقاولات تستحوذ على ما قيمته 14 مليار ريال من حجم النشاط الذي يشكل 5 في المائة من الناتج الوطني، وإذا كانت هذه المبالغ الكبيرة تأتي من قطاع واحد فمن المؤكد أن الأرقام التي تستحوذ عليها العمالة الوافدة من مجمل النشاط الاقتصادي تصل إلى أضعاف هذه الأرقام وهذا ما يفسر ارتفاع حجم المبالغ التي يتم تحويلها للخارج من الوافدين التي تفوق 60 مليار ريال، وبالتأكيد حجم المبالغ التي تحول من العمالة السائبة كبير جدا خصوصا إذا عرفنا أن هناك مئات الآلاف منها تعمل لحسابها الخاص ويكفي أن تزور أي محل يقدم خدمات الصيانة المنزلية لتتعرف على هذه النوعية من العمالة التي أصبحت تشكل عبئا على الاقتصاد باستحواذها على إيرادات مالية ضخمة من نشاطات حيوية وضرورية.
وتكمن المشكلة في عدم وجود أنظمة تحصر طبيعة نشاط هذه العمالة، وحتى حقوق المستفيدين من خدماتهم غير مضمونة كون الاتفاقات تتم بطرق بدائية لا تحتكم إلى عقود منظمة تظهر مسؤولية كل طرف فيها ويمكن حفظ الحقوق للطرفين معا وتضع أرباب المؤسسات في موقع المسؤولية للقضاء على مثل هذه الظواهر.
كما أن عدم فرض ضرائب على تلك العقود وعلى هذه العمالة يجعل من حجم استفادتها كبير فهي تعمل داخل المملكة وتستفيد من حجم النشاط الاقتصادي الكبير دون أن يعود ذلك على خزينة الدولة وعلى الاقتصاد ككل بأي عائد، فلو فرضت نسبة من الضرائب على كل عقد وعلى الوافد بطرق شتى ممكن دراستها بحيث تكون إيرادات تلك الموارد المالية توجه لصالح قطاع التعليم والتدريب وكذلك لصالح قطاع الأجهزة الحكومية التي تستفيد منها تلك العمالة لرفع حجم الإيرادات المحصلة وتوظيفها بما يعود على تلك الأجهزة بإيرادات أوسع تستطيع أن تساعدها في تنفيذ خططها وتحسين أوضاع منسوبيها.
فالمبالغ المحصلة لصندوق الموارد البشرية من خلال دفعها مع رخص الإقامة تعتبر قليلة نسبيا قياسا بما تستفيده تلك العمالة السائبة من خيرات المملكة.
اقتصاد الظل له سلبيات عديدة وخطيرة فمن غير الممكن تقدير الناتج الوطني الحقيقي بوجوده كظاهرة واضحة كحالنا اليوم، كما انه يؤثر على قطاع الأعمال ويجعل المنافسة شرسة وغير عادلة فالكثير من المؤسسات المنظمة تخسر من مجمل النشاط في ظل وجود عمالة ترضى بأجور قليلة كونها لا تتحمل أي أعباء، كما يؤثر على مستوى جودة الأعمال المنجزة ويزيد من التكاليف على الممتلكات كون الخدمات المقدمة رديئة الجودة مما يرفع من حجم أعمال الصيانة والترميم وغير ذلك ويتسبب باستنزاف مالي كبير لا يأتي فقط مما يتحصل عليه الوافدون بل من خلال ارتفاع حجم الطلب على السلع وقطع الغيار بشكل كبير يرفع من الأسعار ويزيد من معدلات التضخم والأثر دائماً سلبي ما لم يتم التحرك بشكل يتناسب مع حجم الضرر القائم بسببها حالياً.