شاركت في إعداد إستراتيجيات لعدد من الشركات كما اطلعت على الكثير من الإستراتيجيات، وما لاحظته على جميع تلك الإستراتيجيات هو غياب محور البحوث والتطوير عموماً والتقنية والابتكار على وجه الخصوص. ففي حين أرى برامج واضحة لتعزيز المحاور المالية والإدارية والفنية والموارد البشرية والتسويقية كعناصر مهمة وحاسمة في استمرارية ونمو الشركات، لم أجد أي برامج لتعزيز محور البحوث والتطوير خصوصاً في مجال تطوير التقنيات المطورة للمنتج من ناحية الجودة والتفرد والمخفضة لتكاليفه من أجل قدرات تنافسية أعلى في ظل انفتاح عالمي ومنافسة شرسة تستخدم فيها كافة الآليات المتاحة بما فيها الآليات (اللا أخلاقية واللا قانونية) أيضاً.
كلنا يعلم أن حماية الدولة للقطاع الخاص الذي كان عبارة عن مجموعة براعم في كافة القطاعات الاقتصادية ساهم في نمو هذه البراعم حتى أصبحت شركات متوسطة وكبرى يدور بعضها مليارات الريالات سنوياً دون التسلح بثقافة التنافسية ومكوناتها، وهو ما جعلها في خطر محدق أمام شركات عالمية ضلعت باستخدام كافة عناصر التنافسية وفتحت لها الأسواق العالمية كما فتحت لها الموارد أيضاً، وهو ما يجعل شركاتنا في موقف تنافسي لا تحسد عليه.
شركاتنا التي أحست بالخطر واستجابت لمعطيات الحاضر وتوقعات المستقبل هرعت لتحقيق متطلبات التنافسية من أجل الاستمرارية والنمو. ولقد استطاعت أن تطور من قدراتها التنافسية في الجوانب المالية والإدراية والتسويقية والبشرية والفنية من أجل منتجات وخدمات منافسة تتناسب جودتها مع قيمتها بالمقارنة مع نظيراتها المنتجة عالمياً. وهذه خطوات جيدة وتدعو للفخر والارتياح وتبشر بالخير أيضاً.
لكن هذه الخطوات المباركة لا يمكن لها أن تؤتي أُكلها بالشكل المطلوب دون استكمالها بالاهتمام البالغ بمحور الأبحاث والتطوير خصوصاً تلك المتعلقة بمنظومة العلوم والتقنية والابتكار لتصل شركاتنا الى أعلى مستويات الإنتاجية عالية الجودة التي تساهم في تخفيض التكاليف وتمكن شركاتنا من السيطرة على التكاليف من ناحية والسيطرة على التضخم من ناحية أخرى بإمكانيات حصرية لها كما هو وضع الشركات العالمية العملاقة التي أصبحت احتكارية بما تمتلكه من مراكز أبحاث وتطوير تمكنها من تطوير مبتكرات ومخترعات تحقق لها التفرد وفرض الشروط.
مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي اطلقت إستراتيجية طموحة لتطوير منظومة العلوم والتقنية في بلادنا وتطوير مؤسساتها الوسيطة وتفعيل دور القطاعات الخدمية والإنتاجية في توظيف منتجات تلك المنظومة يمكن أن تشكل نواة صلبة تستند لها شركاتنا في تطوير مراكز الأبحاث والتطوير والابتكار خاصة بها من أجل قدرات تنافسية أكبر لنمو دائم ومستمر. وأعتقد بأن الوقت حان للاستعانة بها والتعاون معها لاختصار الجهد والزمن والتكاليف.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7842 ثم أرسلها إلى الكود 82244
alakil@hotmail.com