Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/07/2008 G Issue 13081
الثلاثاء 19 رجب 1429   العدد  13081
عشرة عمر
فهيد فهد الشريف

رحل محمود طيبة إلى الدار الآخرة إلى جوار ربه متوشحاً بالنور والإيمان والضياء ومحاطاً بحسنات عظيمة - إن شاء الله - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، بدأت معرفتي به عند التحاقي بمركز الأبحاث والتنمية الصناعية الجهاز المختص بتطوير الصناعة والمدن الصناعية في بدايات النهضة فقد عملت بالمركز صيفاً أثناء الدراسة الجامعية وأنا طالب بجوار كوكبة من الناس لو ذكرتهم لما صدقني القارئ د. غازي القصيبي، د. محسون جلال، د. عبدالرحمن آل الشيخ، أ. ناصر الصالح، د. عبدالسلام عثمان، أ. أمين النديم، م. عبدالعزيز الزامل، أ. أحمد التويجري، مع حفظ الألقاب والمقامات وغيرهم كثير كثير لا تسعف الذاكرة والمقام بذكرهم.

وكان على رأس هؤلاء صاحب الفضل والطيبة محمود طيبة مديراً عاماً للمركز ثم شاء الله أن ألتحق بالمركز موظفاً بعد معركة حامية الوطيس بين محمود طيبة وناصر الصالح وبيني وبين ديوان الموظفين برئاسة أ. عبدالعزيز القريشي عندما وجهوني وبعض الزملاء إلى جهات لا نرغب فيها حيث وضعنا مستقبلنا في هذه المنشأة المتميزة والمتطورة والتي كانت تنافس معهد الإدارة العامة في ذلك الوقت في تخريج الوزراء وقادة الوزارات والمسؤولين في داخل الوطن وخارجه ونجحت المعركة بالانتصار بتسجيل أسمائنا في المركز ببركة الله ثم بدعم محمود طيبة وناصر الصالح وبدأت المسيرة ويشاء الله أن يوقع هو قرار ابتعاثي وبعض الزملاء للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن ينتقل إلى وزارة التجارة والصناعة وكيلاً ويعين أ. رضا ابار مديراً عاماً للمركز - ثم عندما انفصلت الصناعة والكهرباء عن التجارة وأُعيرت خدماتي إلى هذه الوزارة الحديثة كان هو ورضا أبار من شجعني للعمل في الوزارة الفتية حينما كان - رحمه الله - وكيلاً لشؤون الكهرباء ثم انتقل محافظاً للمؤسسة العامة للكهرباء ثم أراد عمنا الكبير د. غازي القصيبي أن أعمل نائباً للمحافظ في المؤسسة العامة للكهرباء عام 1403هـ بعد أن انتقل أول نائب محافظ عبدالرحمن الزامل إلى وزارة التجارة ثم جميل الجشي إلى وزارة الصحة فأصبحت ثالثهما في المؤسسة تحت إدارة محمود طيبة وهذه أول علاقة إدارية مباشرة بيني وبينه - واستمرت حتى اختاره ولي الأمر أن يكون عضواً في مجلس الشورى 1418هـ علاقة متلاصقة لما يزيد على 15 عاماً وعلاقة متواصلة لما يزيد على أربعين عاماً ملؤها الحب والمودة والابتسامة والصوت الهادئ والنصح الموضوعي علاقة إدارية تحفها الأبوة والأخوة والإنسانية وتتداخل في هذه العلاقة المصيرية كثير من الأعمال التي أشاهدها وأراقبها من أعمال الخير والبر في البوسنة والهرسك وفي باكستان وفي مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة مشاريع خيرية لرعاية الأيتام وإيوائهم والعناية بهم تحمل في سبيلها السفر المتواصل والعمل الشاق، وكان يرجو رحمة ربه ولا يحيط نفسه بأي إعلام أو دعاية، وكان يتصل بمحبي الخير والمتبرعين بنفسه ولا يتململ أو يتأثر بأي سلبية أو مواقف غير متوقعة بل يحاول ويحاول حتى يتحقق المراد وهذا الجانب سيتكلم عنه الكثير فهو مشاع للجميع ولم يقتصر على الأقرباء أو العاملين معه بل تعداه إلى عموم العالم الإسلامي.

وإن كان لي أن أتذكر لأتذكر مواقفه النبيلة والإنسانية التي غمرني بها عندما أصبح نائباً لرئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين في بعض أمور الخلاف والاختلاف التي لا تفسد للود قضية.

إن الرجل يفيض حباً وابتسامة ونوراً وضياءً وبشاشة ولا تجد أحد يذكر أن نهره أو أساء إليه أو أخطأ بحقه حتى وإن كان يستحق هذا الجزاء بل يتعامل مع المخطئين بكل أبوية وعطف ويشعرهم بطرق إنسانية وحليمة بما يتطلب الموقف - لا توجد لديه حساسية التعامل مع الصغير والكبير الجاهل والمتعلم المتفق والمختلف الفقير والغني الحاضر والغائب المسلم وغير المسلم فالكل معه أحبه وأصدقاء ورفاق درب.

إن الموت علينا حق وكل سائر في ذلك الطريق ولكن ما أسعد الإنسان عندما يرى من يموت وهو قرير العين ملأ الدنيا التي عاشها خيراً وبركة وعمَّرها محبة ومودة وعطفاً وترك أثراً لا يمحى أبداً من جبال شامخة من الذكريات الجميلة والخيرات والحسنات والأجر العظيم إن شاء الله - رحم الله أبا هاني وأبانا وأب كل هذا الجيل الحاضر - وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به مع الصالحين في جنَّات النعيم إنه سميع مجيب.

محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد