فقدنا مساء الأربعاء الثالث عشر من رجب 1429هـ رجلا وقورا، فاضلا، محبا للأعمال الخيرية خصوصاً رعاية الأيتام.. معالي المهندس محمود عبدالله طيبة.. فقد أمضى حياته في أعمال الخير وكان أنموذجاً فريداً جمع بين الصلاح - ولا أزكيه على الله - والشفافية وحب الخير للناس وأولى الأيتام جل وقته بإقامة مشاريع نافعة لهم، شملت السكن والتعليم والتدريب، وذلك بدءاً من مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، واستمر إلى باكستان والبانيا. كانت طموحاته كبيرة ونفسه تواقة لفعل الخير أينما كان، لم يكن لشغفه بخدمة الأيتام حدود؛ فهو ذو رؤية بعيدة المدى ينظر إلى حياة الأيتام ومتطلباتهم واحتياجاتهم المستقبلية وما يقويهم ويمكنهم من الاندماج والعطاء مع مجتمعهم، ولتحقيق ذلك وضمان استمراريته لم يكن عمله ارتجالياً، بل كان عملاً مؤسسياً جماعياً منظماً.
هو رجل عصامي يتمتع بسمعة طيبة يحسده عليها الكثيرون، متواضع بسيط جداً في حياته العامة وبين زملائه وإخوانه، جاد ولكن الابتسامة دائماً تعلو وجهه الصبوح، كأنما يتذكر حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- (تبسّمك في وجه أخيك صدقة) فكان نعم الرجل الودود المتحبب إلى الناس فأحبوه فزاد ذلك من مكانته.
ورغم ما بذله لإقامة مشاريع متعددة لرعاية الأيتام فإنه لم يحقق طموحاته لأنه كان يحلم بإقامة قرية للأيتام بمكة المكرمة أسوة بقرية الأيتام في المدينة المنورة التابعة للجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، وقبلها قرية الأيتام في باكستان على الحدود مع أفغانستان والتي تتميز بالانضباط والمنهج السلفي الوسطي، ولعل القائمين على جمعية الأيتام بمكة المكرمة يكملوا هذا العمل ليكون خدمة للأيتام وإكمالاً لهذا المشروع الخيري المتميز، كما أتمنى على الإخوة القائمين على المشاريع الخيرية الأخرى أن يحافظوا عليها ويتابعوها تشييداً وتطويراً وفاء لهذا الرجل الذي لم تكن حياته مقتصرة على عائلته وأهل بيته، بل كان معطاءً لوطنه وأمته الإسلامية. ورغم عطائه المتواصل وحبه للعمل الخيري لدرجة العشق إلا أنه قدم الكثير لوطننا الغالي شملت العديد من المجالات الخدمية التي لا يمكن حصرها في هذه السطور فمنذ تخرجه تقلد العديد من الوظائف الرسمية وتدرج في الخدمة من صرح إلى آخر حتى أسندت إليه مناصب رفيعة تقديراً لإنجازاته وثقة في قدراته وخبراته الطويلة، وآخرها نائب رئيس مجلس الشورى، كما تقلد خلال حياته المليئة بالعطاء عدداً من الأوسمة والميداليات التكريمية على رأسها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة وأوسمة من عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة عرفاناً بجهوده وأعماله.
رحم الله فقيدنا الغالي.. المهندس محمود طيبة وغفر له وأسكنه فسيح جناته.. فقد كان محباً للخير خادماً لدينه ووطنه رؤوفاً بالأيتام متطلعاً لتأمين مستقبلهم بالعلم والأخلاق، وأدعو الله أن يلهم أسرته ومحبيه وأبناءه منسوبي دور الأيتام داخل المملكة وخارجها الذين عانوا بفقده اليتم للمرة الثانية الصبر والسلوان. وبالله التوفيق
فاكس 6611755