هل يعقل أن أبناءنا وبناتنا ممن يدرسون في بعض المدارس الأهلية نوابغ لدرجة أن غالبيتهم يحصلون على 98% وأكثر في امتحانات الثانوية العامة. وهل يعقل أن يكون هناك عشرات الطلبة في مدرسة ثانوية أهلية واحدة قد حصلوا على العلامة الكاملة (100%) فيما حصل البقية على 98% و99%.
لماذا تترك بعض المدارس الأهلية لتسيء إلى أبنائنا وبناتنا من خلال منحهم 98% وأكثر في الوقت الذي لا يستحق بعضهم حتى النجاح فيما لو تم إخضاعهم لاختبار الثانوية الحكومية، وما من شك أن حصول طلبة الثانويات الحكومية على درجات مرتفعة في اختبار القياس والقدرات في الوقت الذي نجد فيه أن طلبة البعض من الثانويات الأهلية لم يحقق درجة النجاح في تلك الاختبارات على الرغم من حصوله على أعلى الدرجات في اختبار الثانوية العامة، إنما يعد تأكيداً على ما تلحقه تلك المدارس من أذى لهؤلاء الطلبة، وإزاء تلك الفوضى واللامسؤولية التي تعيشها بعض المدارس الأهلية، فإننا نتساءل عن الدور الرقابي المفقود الذي يفترض أن تقوم به وزارة التربية والتعليم على تلك المدارس الأهلية، وإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد أوجدت إدارة خاصة بمعادلة شهادة الثانوية التي يحصل عليها أبناؤنا وبناتنا الدارسين في الدول الأخرى وذلك للتأكد من مدى مصداقية تلك المدارس التي حصلوا على شهادتها، فإنني أتخوف كثيراً من أن شهادة الثانوية التي تمنحها بعض المدارس الأهلية لدينا قد لا تحظى بالاعتراف والمعادلة من قبل الإدارات المختصة بالمعادلة في الدول الأخرى وذلك بسبب تدهور الأمانة الأكاديمية التي تعيشها بعض المدارس الأهلية لدينا.
وإنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نسمح لبعض الذوات والأغنياء بالتفاخر بحصول أبنائهم وبناتهم على الدرجات الكاملة على الرغم من عدم استحقاقهم الفعلي لها، لا لشيء سوى لأنهم قادرون على دفع عشرات الآلاف من الريالات لبعض المدارس الأهلية ليس ليعلموا أبناءهم وإنما ليمنحوهم تلك الدرجات الكاملة المزيفة.
كما أنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نقسو ونظلم محدودي الدخل غير القادرين على إلحاق أبنائهم وبناتهم في بعض المدارس الأهلية. ومكمن القسوة والظلم هنا يتمثل في عدم إتاحة الفرصة لأبناء وبنات تلك الفئة بالالتحاق ببعض التخصصات العلمية بالجامعات على الرغم من تميزهم وذلك بسبب سيطرة خريجي بعض المدارس الأهلية على تلك المقاعد وذلك كنتيجة حتمية لحصولهم على الدرجات الكاملة (المزيفة) والتي منحت لهم مقابل تلك الرسوم المالية الطائلة التي يدفعها ذووهم لتلك المدارس.
ختاماً أود أن أشيد بتلك الخطوة التي أقدم عليها المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي والمتمثلة في إعلان المركز ترتيب المدارس الثانوية على مستوى المملكة وذلك بناء على متوسط أداء طلابها في اختبار القدرات خلال ثلاثة أعوام من 1427هـ وحتى 1429هـ علماً بأن المركز قد خصص قائمتين إحداهما مبنية على أداء طلاب التخصصات العلمية والأخرى على أداء طلاب التخصصات النظرية، وفي نظري أن هذا الترتيب يفترض أن يكون دافعاً لكافة المدارس الثانوية بأن تتنافس في التأهيل الأكاديمي السليم للطلاب ورفع مستواهم العلمي بدلاً من إلحاق الضرر بهم من خلال منحهم تلك العلامات الكاملة المزيفة.