استلهام تجارب الأنظمة الشمولية المتشابهة في نشر أفكار وأيدلوجيات و(عقيدة) الأنظمة التي تنبع وتتبع أيدلوجيات عقائدية طائفية وتسعى إلى إقامة إمبراطورية تحقق طموحات وأحلام دعاة هذا التوجه والفكر الذي يجمع التوجهات العقائدية المذهبية بالعنصرية القومية، هو ما نراه يتكرر من قبل دعاة الأفكار الشمولية سواء كانت دينية أو قومية أو مذهبية وحتى فلسفية وهو ما يتبعه ويسير عليه النهج الإيراني، إذ يلاحظ أن نشر التشيع في البلدان العربية والإفريقية وفي جنوب شرق آسيا ووسطها والذي تقوم به الملحقيات الثقافية الإيرانية، والجماعات والشخصيات والأحزاب الطائفية المرتبطة بإيران أو تلك التي تتلقى دعماً مادياً من طهران.
إذ يلاحظ أن من يقومون بنشر المذهب الشيعي الجعفري والمرتبطون بطهران يتبنون الخط الإيراني، أو بصورة أدق مدرسة (حوزة قم) وفهم (آياتها) للمذهب الشيعي؛ فالشيعة الجدد في جزر القمر وحتى أنصار وأعضاء حزب الله اللبناني، يأخذون بخط علي خامنئي في حين أغلب شيعة لبنان وإفريقيا يقلدون المرجع الشيعي الأعلى اللبناني محمد حسين فضل الله، وهكذا فإن الملحقيات الثقافية الإيرانية إنما تعمل من أجل فكر النظام الذي يسعى من خلال جعل أيدلوجية وفكر المذهب الاثني عشري منطلقاً أيدلوجياً وغطاءً مذهبياً لمد نفوذ النظام الإيراني وتحقيق أحلام الإمبراطورية التي تسعى إلى إعادة مجد الدولة الصفوية.
ولقد حقق أنصار ومعتنقو هذا التوجه (قواعد) في لبنان حيث فرض (حزب الله) كيانه المرتبط تماماً بتوجيهات وتعليمات الفقيه حيث يعد حسن نصر الله وكيلاً لمرجع الثورة الإيرانية علي خامنئي وبالتالي فإنه تحت ولاية الفقيه الذي أكد شخصياً بأنه يشرفه أن يكون أحد المنتمين إلى ولاية الفقيه.
هذا الانتماء ليس مقصوراً على حزب الله اللبناني؛ فالحوثيون في اليمن يتبنون نفس النظرية وكذلك حزبا عبد العزيز الحكيم وحزب الله العراقي، وإن لم يعلنوا ذلك حتى لا يفقدوا دعم المرجع الشيعي علي السيستاني.
إذن فكر ولاية الفقيه، أو الطبعة الفارسية للمذهب الشيعي هو من تعمل على نشره الملحقيات الثقافية الإيرانية والأحزاب والجماعات التي تعمل على نشر التشيع في البلدان العربية والإفريقية، ولقد كشفت المطبوعات التي صادرتها الأجهزة المسؤولة عن المعارض الثقافية ومعارض الكتب التي شاركت فيها دور النشر الإيرانية من أن أدبيات التشيع التي تضمنتها تلك الكتب، اقتصرت على المؤلفين الذين يروجون لنظرية ولاية الفقيه في حين غابت الكتب التي تعارضها بما فيها المراجع الكبار للشيعة وبخاصة العرب منهم.
ولهذا تولَّد القلق والخوف من نشر التشيع الذي يسعى إلى مدِّ نفوذ سياسي بتوظيف المعتقد المذهبي للهيمنة على المنطقة العربية والإفريقية معاً.
jaser@al-jazirah.com.sa