أزعم أنني من أشد المطالبين بفتح دور للسينما في جميع مناطق المملكة وفق ضوابط يقرّها المشرع كما هو الحال في كل دول الدنيا، ولست الوحيد ولن أكون الأخير.
ما الفرق بيننا وبين أشقائنا وإخواننا في دول الخليج والوطن العربي؟ وكذا أصدقاؤنا في كل دول هذه الأرض، بل إن السؤال المقابل لما سبق يطرح نفسه وهو: ماذا يميزنا عنهم وبماذا نتفرد في جميع مناقب الحياة دوناً عن أي بلدٍ آخر؟.
سأتحدث بالعموميات ولن أدخل أية دهاليز أخرى ، ولكني أطرح وجهة نظري فيما أشعر أنه منطقي ولا يجلب الضرر أو يزيد حالة الاحتقان عند أحد، وسأبدأ هنا من (البديهيات)، في المملكة يتم تسجيل الأعمال الغنائية العاطفية أو الوطنية وفي مناطقها تقام الحفلات الغنائية وتُعرض المسرحيات وتصوَّر المسلسلات الخليجية وبوجود عناصر نسائية وكل هذا تحت سمع وبصر كل فرد من أفراد المجتمع، ومنذ عشرات السنين ولم نسمع بأي مشكلة حدثت قد تؤلب الرأي العام أو تخدش حياء المواطنين، في المقابل فإن محلاَّت بيع الأفلام السينمائية تفتح أبوابها أمام المتسوقين صباح مساء وتعرض أحدث الأفلام السينمائية في الوقت نفسه الذي تطرح في أسواق العالم وهي أيضاً مفتوحة بتصاريح معتمدة من الجهات الحكومية وهي أيضاً خاضعة لأنظمة الدولة ومراقبتها ومراقبة كل ما يعرض فيها، وهذه الأفلام المعروضة للبيع تم التصريح بدخولها بعد فحص وتمحيص وقطع للمشاهد غير اللائقة.
كل ما سبق يجعلني أتساءل لماذا لا يتم فتح صالات للسينما تعرض فيها أحدث أفلام العالم وهذا التساؤل ربما يُشاطرني فيه الغالبية التي ترغب في ترفيه (منضبط) يكفينا عناء السفر وملء بطون الآخرين بمدخولنا من أجل مشاهدة فيلم ونحوه.
لسنا في معزلٍ عن العالم ومن الخطأ أن ننأى بأنفسنا عن أي حراكٍ حولنا بداعي الخصوصية التي ينتقدنا فيها أشقاؤنا العرب وكأننا نزلنا من السماء أو اختصرنا النمو في بطون أمهاتنا أو كأننا على جرفٍ هارٍ لا نملك قرار أنفسنا وننجرف مع أول قطرة مطر فيما بقية مواطني العالم تسير حياتهم سَلِسَة دون (تعقيد).
ولعلكم تذكرون حين بدأت الصحون اللاقطة (الدشوش) ثم الهواتف الجوالة المزودة بالكاميرا وما حدث حينها من شد وجذب، ثم قد يسأل أحدهم وما الفائدة من دور سينما هنا؟
عندها تكون الإجابة بديهية أن السينما جزءٌ لا يمكن فصله عن الحراك الثقافي بل هي أحد أضلاع ثقافة الشعوب في هذا الزمن وفي كل مكان خصوصاً وأننا هنا لم نشهد سوى مناوشات (إيجابية) من محاولات فردية يجب شكرهم عليها ولكنها لم تشكل أي تقدم في صناعة السينما التي إذا تحدثنا عنها اقتصادياً فإنها تشكل دخلاً اقتصادياً أعتبره (هائلاً) وفرصة لتوطين الوظائف وانخراط مجموعات كبيرة من المواهب التي تتلمس طريقها وتبحث عن بقعة ضوء، والمشكلة أن هذه الأفلام السعودية تعرض خارج حدود الوطن.
أعود إلى دور السينما فربما (شطح) بي الحديث عنها إلى صناعة أفلامها فإنني أرى كمحايد أن فتح صالات للسينما من شأنه أن يوفر ملايين الدولارات التي يضخها السعوديين لمشاهدة الأفلام السينمائية سواء في القاهرة أو دبي أو بيروت أو البحرين ولعلكم تلاحظون هذه الأيام التقارير التي تنشر في الصحف تباعاً عن أفلام سينمائية تعرض هذه الأيام في القاهرة وبودي أن أؤكد أن هذه الأفلام يرفع نسبة الحاضرين فيها العائلات السعودية الموجودة في القاهرة لقضاء فصل الصيف.
ومنها أستطيع القول إن العائلات السعودية أو الأفراد يشكلون الرقم الأكبر والأصعب في الدخل الموسمي للأفلام السينمائية وهي مؤشرها الحقيقي بدليل أن هذه الأفلام تبحث عن مواسم الهجرة لقوافل السعوديين بحيث تبدأ الأفلام عروضها الأولى في القاهرة صيفاً ثم تنتقل إلى بقية عواصم الدول الخليجية في الأعياد حيث السعوديين.. وهكذا دواليك.
وكلي أمل أن تتم دراسة جديَّة حول هذا الأمر الذي أجده مهماً إلى أبعد الحدود، لأنَّ الترفيه أصبح مطلباً طالما أن لدينا أفلاماً يتم فسحها بعد بتر المشاهد التي لا تناسب مجتمعنا فلماذا لا يتم عرضها في صالات طالما هي بيننا تحت سمع وبصر الجميع.
لسنا متشددين ولا رافضين لأي فرصة للتقدم خطوة للأمام، وفي المقابل لسنا منحلين عن قيمنا ولا عاداتنا ولكننا نرغب في حلول وسط توفر لنا ولمجتمعنا ترفيهاً بريئاً ستنعكس بالتأكيد نتائجه الإيجابية على الاقتصاد والأهم الحركة الثقافية والفنية هنا.