الحياة وما هي عليه من سننٍ تزداد بهاء وجمالاً بالعلاقات والوشائج التي تتماسك بها ليخلد هذا الجمال، ومن تلك العلاقات علاقة الرجل بالمرأة، وهي علاقة ذات وشائج وروابط متينة، فالرجل في علاقته بوالدته سمو وبر طاعة وإجلال، محبة عارمة متبادلة بينهما،،،
بكل القيم التي حث المولى عليها، إنها علاقة لها مردود خاص وآخر عام، الخاص ما بين الابن ووالدته والعام أثر هذه العلاقة وما تعكسه على المجتمع، ومتى صارت علاقة كل ابن بوالدته ذات طابع متميز فله على أفراد المجتمع أثر إيجابي أنها وسيلة بها ينتشر الخير وتعم القيم الخلاقة، وكل من يستظل برحاب ربه من خلال محبته لوالدته وإيفائها الحق البين فهو في حالة تبادلية مع أبناء مجتمعه في هذا المضمار، فمن يحوز على الشيء أقدر على نشره والتخلق به.
ويتفرع من هذه العلاقات علاقات وصلات رحم، والخير كل الخير في البذل والعطاء والإيثار على درب من الحب المستقيم، فالأخت والخالة وكل من له صلة قرابة بالوالدة وجب للعلاقة معه أن تتميز، ومن جانب آخر تكون في أبهى مظاهرها بعمق ما في باطنها من حب كبير للابنة نعطيها بإيثار وتضحية من كل ما نملك، وهي بدورها تتنافس وإخوانها على البر بك والمبالغة في حبك.
كما أن للزوجة من الروابط ما له طابع خاص ومميز، فالزوجة غالباً ما تكون من غير الأقرباء، فهي غير معروفة قبل التقدم لها أو أنها على علاقة بما يسمى بالحب قبل الزواج، أو أن تكون من الأقرباء والزواج من الأقرباء أحله الشرع إلا أن الحذر مهم، ولا بد من محاولة التأكد من خلو الرجل والمرأة من أمراض موروثة، وكذلك ما يتعلق بفصيلة الدم، ومتى توفرت شروطه الصحية فهو الرائع والأقوى في رابطته، ويميز ذلك أن أخواله أعمامه، وهذا له نتائج على المدى البعيد.
أما علاقة الحب قبل الزواج فهي وهم تملي دوافعه الغريزة، بل وتلهب القلب فنقول عنه حباً ونجرب الغرام مع هذا المغرم به، وما قصدت إلى تفهم بواعثه ولا خطأ -فهو زواج صحيح، وإن كان الحب من أول نظرة ليس له من مقومات الحب شيء فلا عشرة ولا اختلاط باستطاعتهم خلق حالة تمهد لحب مفهوم، ومثل هذا النوع يخضع لتجارب الشخص المتراكمة منذ القدم، لكن الإعجاب علامة تبشر بخير، فقد يعجب أحدهما أو كلاهما بالذكاء والفطنة، الخلق الصالح والتعليم بأثر، والقدرة على تدبير شؤون الحياة والأسرة، وغير ذلك من الصفات الجميلة.
والمحصلة أن لا يتداخل شيء من معاني الحب بشيء من بواعث الغريزة، وإذا حدث فلنفهم ما نحن عليه من حالة، ونسمي الأشياء بما تدل عليه، وقد يكون زواجاً قابلاً للنجاح.
والعلاقة الزوجية التي بدورها ولدت نتاج للعشرة الحسنة المتراكمة فهي خلاقة، فالرحمة والمودة، وهذان من جوهر الحب الذي يبقى ويطول مداه، وعلى أساسه يتم بناء أسرة وأبناء وبنات لتزهو الحياة بهم ومعهم، ومن ميزات هذه العلاقة أنها باعثة على الحس بالمسؤولية في معظم الأحيان، فيأتي العطاء بإيثار وتضحية على طريق الود.
والكثير من الزيجات الموفقة ما تم بهذه الطريقة، ولكن الجهد والوعي لا بد أن يكون أساساً لمدركات مهمة:
الأول: أن الزواج الثاني أو الطلاق يجب أن يسبقه عمق في التفكير، وتوفر أسباب جوهرية أقل ما فيها أن تقتنع الزوجة الأساس بها، فالطلاق بوجود أبناء تيتم بلا موت وله نفس الأثر، ويبقى في النفس لدى الأطفال شيء من الحرمان.
والزواج الثاني: أخوة بلا صلة رحم، وكل لصلته أقرب، فهي مأساة في العلاقة بينهم فضلاً عن متاعب لا بد أن تنشأ بعد الزواج الثاني.
والآن سمة الزواج بناء أسرة ووسيلة سكن وعشرة ومودة، ومجال لنمو الأبناء في بيئة خالية من المنغصات والمشاكل، وهذا لا يتحقق والزواج الثاني وخير منهاج يتبع ما قاله العزيز الحكيم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(21)سورة الروم. وقوله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}. وقوله عز وجل {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}(129)سورة النساء.