لقد ناضلنا نحن مثقفو الستينيات والسبعينيات الميلادية ضد بعض الظواهر السلبية التي كنا نعتقد أنها تعوق مجتمعنا البدوي بالذات تلك الظواهر التي تنبثق أحياناً من (بعض) الأعراف البائدة التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي لا تتفق تماماً مع كل ما جاء في شريعتنا الإسلامية السمحة مثل تعليم البنات، تحجير البنات، العضل المتعلق بالبنات، إدخال التلفزيون إلى البيوت، محو الأمية، استقرار البادية، إنهاء زمن الترحال... وأشياء أخرى لا أتذكرها الآن، وبالطبع مع تقدم الوعي، وتطور المجتمع استطعنا أن نرى بعض ثمار ذلك النضال في حياتنا وقبل أن يطوينا الموت لذلك ذهب اهتمامنا إلى الانشغال بهموم أكبر تتعلق بالتقدم وسعادة الإنسان وإرساء العدالة والدفاع عن قضايا الأمة وقلنا إن تلك المظاهر السابقة قد طواها النسيان، ولكن ما يحزننا اليوم حتى الألم المحض أن نرى ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين مظاهر لا تقل سخفاً وجهلاً عما كنا نحارب من مظاهر شائهة، لذا يتملك الواحد منا العجب اليوم وهو يرى مشكلة طفلة في العاشرة يرغمها والدها على الزواج من رجل ثمانيني فيا للهول!! وثمة من يعقد قران زوجين من الأطفال بنفس عمر تلك الطفلة وتحتفي بالحدث وسائل الإعلام(!!) كما أن بريدنا ككتاب لا يخلو دوماً من مشكلات (العضل) وشكاوى بنات سعوديات يقبعن في البيت سجينات الصلف العائلي بانتظار الموت فقط وذلك لأن جناب الأب المبجل يريد أن يستفيد بكل (جشاعة) -لا شجاعة- من رواتبهن التي يقبضنها من العمل بالتدريس أو سواه، كذلك يحزننا وبكل أسف وخجل ما نقرأ اليوم من حالات لا يفكر فيها حتى الشيطان مثل الزنى بالمحارم كالأخت والبنت فيا للهول(!!)، كما أن من المظاهر المحزنة رغم تطور العلم والطب هو (إيمان) العديد من الجهلة بقدرة المشعوذين والسحرة على تحقيق المستحيل لذلك لا تخلو صحفنا اليومية من خبر ينطوي على القبض على ساحر دجال أو مشعوذ (أشر)، لذا فإننا ومن هذا المنبر الإعلامي نتقدم إلى المسؤولين وأصحاب القرار وكل ذي ضمير حي أن يوقفوا هذه المهازل ويوجدوا قسماً أو هيئة خاصة تعنى بمتابعة هذه المظاهر الغريبة الشائنة والشائهة وخصوصاً فيما يتعلق بدكتاتورية الآباء ومشكلات العضل والعنف الأسري (وظلم ذوي القربى) لأنه (أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند) ولنا الأمل بذلك.