جاء الاعتراف واضحاً من وزارة العدل بشأن وجود مخالب وأنياب للفساد تقطّع قلب الأمة وتنهش كبدها، لذا قامت الوزارة بتخصيص سبعة مستشارين لمباشرة ملفات قضائية وأمنية، تشمل ثلاثة ملفات رئيسة هي: ملف الحرب على الإرهاب، وملف مكافحة الفساد، وملف هيئة الخبراء، بالإضافة إلى ملفات أخرى مساندة يتناول أحدها شؤون حقوق الإنسان، وآخر يشمل إعداد وإنشاء الأنظمة واللوائح التنفيذية الخاصة بأعمال وزارة العدل، ودراسة ومراجعة الأنظمة واللوائح وإبداء المقترحات والآراء.
وتشمل صلاحيات هؤلاء المستشارين صياغة ومراجعة العقود والاتفاقيات التي تبرمها الوزارة، وتصنيف الأنظمة واللوائح والتعاميم والقرارات، وإبداء الرأي الشرعي والنظامي تجاه المعاملات، إلى جانب الاشتراك مع اللجان الخاصة بالتحقيق بالمخالفات الإدارية وبحث المشاكل التي تعترض تطبيق الأنظمة.
وعلى الرغم من مرور ستة أعوام على إنشاء الإدارة العامة للمستشارين بهدف تطوير أنظمة وزارة العدل وتنظيم أعمالها، وأعمال المحاكم وكتابات العدل والإدارات المرتبطة بها، إلا أنها لم تر النور سوى الآن!! ولا أعلم من أيقظها من غفوتها؟ هل هو لفح هجير الفساد الذي أصبحت حرارته تكوي قلب الوطن وتفتت كبده وتشل أوصاله لدرجة الإعاقة؟ أم شدة الإحساس بأوجاع الوطن وضياع حقوق الناس لدرجة الظلم؟
وما مظاهر الإرهاب إلا أحد صنوف الظلم التي روّعت الناس وقوضت الأمن وأحلت الرعب محل الطمأنينة مما حدا بالمسئولين اتخاذ أساليب أمنية احترازية مثل إغلاق بعض أجزاء الشوارع، والتفتيش على السيارات بغية إحلال الأمن وطمأنة الناس.
أما عن الفساد فمظاهره غير ملموسة ولكن رائحته باتت تزكم الأنوف بل كدنا نتنفس أجواء الفساد وهي تنبعث من كل ما يحمل الصبغة الحكومية! وكأن العمل الحكومي أصبح ذا لزمة فساد! على الرغم من تلك الروح الشفافة التي يحملها ملك البلاد ويوصي بها شعبه، ومطالبته الدائمة بقضاء حوائج الناس وإنهاء معاملاتهم؛ إلا أن بعض الموظفين لا يحضرون لأعمالهم وبعضهم يحضر ولا يؤدي العمل، وبات الاعتماد على الأشخاص أكثر من الاستناد على النظام، فمهما كان الشخص يرتكز على النظام في تعامله إلا أنه - في النهاية - ينتصر عليه من يدعمه شخص يعارض النظام ويطوعه لخدمته الشخصية بعد أن كان هناك أشخاص قدراتهم لا تتعدى التحايل على النظام أو البحث عن ثغره لاستغلالها. بمعنى أن الفساد بدأ يستشري في النفوس لدرجة عدم الحياء أو الخجل، بل تحول إلى حالة من الشجاعة والبطولة وأصبح من المعتاد قول أحدهم لآخر عند طلبه إنجاز معاملة غير نظامية (يا رجال لا تأخذ همّ، ندبرها لك، نعرف واحد يسهر مع المدير بالاستراحة)!
أما عن حقوق الإنسان فلا زلنا نتهجى ألف باء إنسانية، فهذه حالات العنف تتزايد بشكل لافت، وأشكال التنكيل والقتل الأسري ذات فنون للدرجة التي نستيقظ على مأساة طفلة ماتت بيد والدها، وننام ونحن نتوجس خيفة من ضحية أخرى في الطريق.
ترى ماذا سيفعل المستشارون السبعة؟ وماذا ستحوي ملفاتهم؟ وماذا ستقول حروفهم؟ والفساد يتشكل قطعاً كقطع الليل بل أشد سوادا!!
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342