قد يحتكر التاجر أكياساً من الطحين لحين الطلب عليها، وقد تتملَّك الحبيبة حبيبها حتى لا يرى غيرها في هذا الكون، وقد يحجر الرجل على ابنة عمه طمعاً في الزواج منها لاحقاً، وقد تسيطر الزوجة على زوجها حتى يصبح قطعة من أثاث غرفتها، أما الفن فلا، الفن لا يمكن أن يُحتكر، وهو في طبيعته غير قابل لذلك، ولا يُمكن أن يسرقه أحد ويضعه خلف ظهره، والذين حاولوا ذلك فشلوا سبعين مرة.
الفن لا يسكن عند أحد ويترك غيرهم، الفن لكل الناس، لكل البشر، مثله مثل الهواء، لا أحد يستطيع أن يمتلك الهواء أو يسيطر عليه، وكذلك الفن، كل ما هنالك أن تتعامل مع الفن الراقي وتشعر به وتتنفسه وتمارسه وتنتجه وتتبادله مع الآخرين بكرم وأريحية وحب.
ليس ثمة ما يعرف بفنان العرب، ولا ملك الفن، ولا أسطورة الفن، ولا الفنان الكبير، ولا فنان زمانه، هذه الجمل البلاغية ليست سوى نوع من أنواع احتكار الفن لأناس دون غيرهم، إنها جُمل غير جميلة، تفسد الذوق العام.
دعوا الفن يعمل بأرقى ما يُمكن، مع كل البشر، ومن يُخطئ في حق الفن فإنما يُخطئ في حق نفسه ويشوِّه صورته أمام الناس، وهذا الشخص إذا أخذ الفن رغماً عن الفن ذاته يكون هنا (متلبساً) بالاحتكار وهذا نوع آخر من احتكار الفن، وأما من يقول: إن الفن هو، وهو الفن، فإن ذلك نوع ثالث من الاحتكار.
Ra99ja@yahoo.com