يتعثر الكبير سناً في مشيته. يحاول جاهداً الوقوف أو تلافي سقطته. يهرولون نحوه مؤنبين كيف يجازف بالوقوف أو محاولة السير دون أن يتمسك بمن يمشي بجواره أو يتولى رفقته..
الكبير سنَّا يتذمَّر لأن في جوفه روحاً تنبض بالثقة في نفسه..
يعطلون هذه الروح فقط لأن ثقافتهم تنحصر عند سد يغطي رؤية أن العزيمة في الإنسان مهما وهنت مع العمر تشتد بالرغبة في رفض العوز والحاجة..
مبدأ الحياة يطلب أن يُفسح لهذه الروح... وينقضَّ ذلك السَّد..
بينما تسمعهم يعوِّلون على فهم خاطئ لنيل الأجر عند إقالة عثرة الكبير.
* شتان بين كبير سن في بيئة ثقافتها تعزيز القوة الذاتية وأخرى تعطيلها بثقافة الاتكال.
***
المرأة لا تقف أدوارها خلف أسوار بيتها.. ثقافة حياتية منبثقة من طبيعة خلق الله في كونه.
فهي ترافق في البيت عشيرها وتصاحب وليدها وتصادق جيرانها، وإن لم تتعد قدماها العمل في خارج بيتها فلتتعد بيتها بفكرها ومواقفها عند الحالة والحاجة؛ فتكون ذات اليد الممتدة للآخرين بالعون...
تقيل العثرات وتصلح ذات البين، وتعين على نوائب الحياة بمالها ورأيها وعلمها ووجاهتها وقدراتها المختلفة...
بل يمكنها أن تكون جابرة لعثرات الكرام تحت جنح العمل لوجه الله... تماما كما كانت تفعل المؤمنات في صدر الإسلام... وعلى مر عصور التاريخ الشاهد على ذلك بنماذج مشرقة في المجالات الكثيرة والعديدة...
يعطل هذا كله ثقافة (العتمة) التي تولد التآويل الكثيرة، وتقيم الأسوار العديدة، وتجند الظنون المختلطة.. حتى فقدت تلك الأدوار النبيلةُ صفاءَها... وتراكمت في نفس المرأة رواسب تطاولت وعلت حتى غطت على رؤيتها المميزة بين ما يمكن في المواقف الملحة...
فأحجمت بشكل عام عن أن تكون إلا المرأة المعطلة لقوى الخير فيها.. تلك القوى التي تنبثق منها جماليات الحياة وعبقرية المواقف التي تضفي على علاقات الناس نوعا من الضوابط في ظل التفاعل الواعي المدرك لأبعاد الحدود وضوابط الممكن...
* شتان بين مجتمع تتضافر المرأة فيه لدعم الأبنية النفسية والعلائقية.. وربط الموقف بالحاجة
والمبادرة عند الضرورة ليستقيم للمركب جانباه.. وبين مجتمع يميل بشق معطلة واحدة من دفتيه في ظل ثقافة العتمة وتعطيل الأدوار.
***
الكبير في السن المقيد بعجزه.. والمرأة المقيدة بتراكمية الرواسب..أنموذجان للكثير من الحالات والموضوعات التي داخل ملفات ثقافة التعطيل..
لنقف عند فوهات العتمة المجتمعية فتحت بنود الحاجة لقيمة الإنسان بنوعيه...
وبعيداً عن التأويل المعكر يكون فضّها أمراً حتمياً.
***
أيلتفت الإنسان للإنسان فيه.. ويبحث عن الإنسان.. ليعرف السبيلَ إلى الإنسان في غيره..؟