الشاعر عدوان الهربيد من السويد من شمر وهو من الشعراء الذين نالوا نصيباً وافراً من الشهرة في زمنهم وكان له حضور في الكثير من المواقف. |
في إحدى السنين كان يقطن أحد المواقع في النفود الكبير مع إخوانه وفي غفلة من الزمن رحل إخوانه حيث قضوا في ظروف قاسية فرحل مع بقية الأسرة إلى قرية (قنا) وهي تقع شمال حائل عند مدخل النفود وبعد عام من رحيله مر بذلك المكان الذي كانوا يقطنونه ومعه ابن أخيه جريس وكان طفلاً حيث أن عدوان قد تزوج بوالدة جريس بعد موت شقيقه فقال هذه القصيدة التي صاغها بقالب شعري بديع مفعم بالأسى واللوعة والتي يسندها على جريس: |
عمار يا دار نزلنا بك العام |
بين الحجر يا دار وأشراف ضاحي |
يا دار مابك من هلك جره أقدام |
والمال ماله جره بالمراحي |
بس الثلاث اللي تقل روس خدام |
وأرضٍ تصافق به نشيط الرياحي |
يا جريس واخانت ملابيد الأيام |
خانت ملابيد الليال اللقاحي |
واقد قلبي قدهم لابيض الخام |
أوقد غربٍ مع شفا البير طاحي |
راحوا كما حلمٍ تصور لحلام |
أو برق صيف بأول الليل لاحي |
سقاك من غر تهشم له أرزام |
غر سقا يا دار خالي مراحي |
وبعد مرور عام آخر مر بنفس المكان حيث أصبح كثير الترحال وكان معه جريس أيضاً فهبت رياح الذكريات واستعاد صور الماضي والظروف التي غيبت إخوانه مما تركه يصارع الوحدة وعدم الاستقرار، فقال مخاطباً ابن أخيه جريس: |
يا راكب من فوق مصطورة العين |
قطاعة الدو الخلاوي بالإهذال |
مثل القطاة التي تضم الجناحين |
كدرية جابه قطوع أشهب اللال |
عملت أنا يا جريس لي وقم بيتين |
أوي بيطار للأشعار عمال |
شغلتهن شغل الفرنج الملاعين |
خليتهن يمشن مع الدرب جودال |
قطم كما النيران بالقالم الزين |
ما قيل بيتٍ عن سنع دربهن عال |
يا جريس يا مشكاي بالله تشاكين |
افهم وصاة اللي على نضو مرسال |
دارٍ لأهلنا ما بها من يحاكين |
بس الثلاث السود والمرح الأسمال |
راحوا كما غيم نشا بأول الحين |
تقفته غربية العصر وانجال |
عقب المروبع والنشامى الحيين |
اليوم لا طربة ولا حلو منزال |
راح الطرب والكيف والمقعد الزين |
وعقب الجواضع رصن الله على الجال |
صالح عبدالكريم المرزوقي |
|