انتشر استهلاك المخدرات بشكل سريع في العالم، ومن الصعب الحصول على بيانات وافية حول الموضوع، لكن يعتقد أن الانفاق على المخدرات في أمريكا وحدها يفوق إجمالي الإنتاج الوطني لأكثر من 80 بلداً من البلدان النامية.
واستهلاك المخدرات آخذ في الارتفاع كذلك في أوروبا، ويعود ذلك في جزء منه إلى الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية، وإلى تخفيف الرقابة على الحدود.
ويزداد الاستهلاك عادة مع زيادة العرض ورخص السعر، ذلك أن منتجي المخدرات يطوّرون دائماً أصنافاً جديدة تلبي حاجات المستهلك، تندرج من المخدرات المغشوشة إلى مخدرات تسبب الإدمان.
كذلك تنمو هذه التجارة (تجارة المخدرات)، بسبب زيادة الطلب من قبل المستهلكين، فقد يتعاطى الناس المخدرات لأسباب شتى: كنوع من التمرد أو للهرب من الواقع، أو للتعبير عن الاستسلام والإقرار بالهزيمة النفسية، وأحياناً لمجرد اقتناص النشوة والسعادة المتوهمة.
بل إن كثيراً من الناس ينظرون الآن للمخدرات مثل الكوكايين كوسيلة ترفيه. وعند أشخاص آخرين، لا يزال استعمال المخدرات مجرد محاولة للتعويض عن السأم، أو تعبيراً عن الضجر من وتيرة الحياة اليومية.
والمخدرات عموماً ذات علاقة بعدة مشاكل اجتماعية كالقلق والتفكك الأسري والجريمة والفساد. وقد ينشأ سوء استخدام المخدرات نتيجة للبطالة أو انهيار الأسرة أو الظروف المعيشية السيئة.
والمخدرات هذه الأيام مصدر قلق كبير لجميع البلدان المستهلكة، لأن المخدر يخلف أضراراً فادحة فعلى المستوى الفردي، يتعرض المستهلكون لمشاكل صحية خطيرة نتيجة لاستهلاك أنواع معينة من المخدرات، كانهيار الجهاز العصبي للمتعاطي، وإمكان نقل عيوب خلقية إلى جيل الأطفال القادم.
كذلك تفاقم المخدرات المشكلات العائلية وتعيق التطور النفسي السوي للأطفال، وتقلل من أدائهم في المدرسة.
والضرر الذي يلحق بالأفراد ينعكس على المجتمع، إذ يزيد من تكاليف العناية الطبية، والرعاية العامة، والخدمات الاجتماعية الأخرى، وتبديد وقت دوائر الشرطة والأمن، ومن ثم تفقد الحكومات السيطرة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، جراء الأعباء والآثار والأخطار الرهيبة للمخدرات.
لكن أشد آثار تجارة المخدرات أذى على المجتمع هو تصعيد الجريمة. فكما هي الحال في البلدان المنتجة فإن للمخدرات تأثيراً تخريبياً في البلدان المستهلكة.
وكثيراً ما يجد متعاطو بعض أنواع المخدرات أنفسهم مدفوعين إلى الوقوع في شبكة العنف، وربما كان هذا نتيجة للعقاقير التي تخلفها المخدرات نفسها. فاستعمال الكوكايين مثلاً يجعل الأشخاص لا عقلانيين إما مضطربين أو هجوميين عدوانيين.
فالحاجة إلى إشباع عاداتهم تدفع الكثيرين إلى عالم الجريمة، بالإساءة إلى الأطفال، والسلب والاغتصاب. وقد يلجؤون إلى الدعارة أو السطو للحصول على المبالغ اللازمة لضمان حصولهم على حاجتهم من المخدرات بشكل منتظم.
إنه يتوجب علينا أن نقف جميعاً وقفة حازمة في وجه المخدرات، وتجارها ومروجيها ومتعاطيها، حتى لا تنجرف أمتنا إلى مهاوي الردى. وصدق الله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(90)سورة المائدة.