Al Jazirah NewsPaper Friday  11/07/2008 G Issue 13070
الجمعة 08 رجب 1429   العدد  13070
إني أحبك
محمد عباس خلف

الحب أعظم المشاعر التي خلقها الله، الحب من أرقى القيم التي تسعد حياة الإنسان، الحب سر العلاقات الوثيقة بين من يربطهم الحب، ويجمعهم الحب في الله.

أحبك يا الله.. أحبك بصدق لا مراء فيه، أحبك بيقين لا زعزعة في ثباته، أحبك يا الله بعقلي.. الذي اقتنع بأنه ليس هناك أعظم منك.. وأنه لا إله إلا أنت.. أحبك حقاً.. لأنك أنعمت علينا بنعمة عظمى، وهداية كبرى، هي نعمة التوحيد.. التوحيد لك وحدك.. فحقاً وصدقاً.. قناعة ويقيناً.. لا إله إلا أنت.. أين ما أشركوهم بك.. أين من كفروا حين اتبعوهم؟ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}.

أحبك يا رب.. لأنك المنعم الكريم المعطي، لأنك الرحمن الرحيم.. رحمتنا بالإسلام، ونجيتنا بالإيمان من عذاب جهنم، ومصير الكفر، ونهاية الكافرين..

رحمتنا برحمتك فهديتنا إلى طاعتك.. لأن المحب لمن يحب مطيع.. أحبك يا الله.. لأنك وحدك خالقي.. رازقي.. راحمي.. مجيب سُؤلي، لأنك وحدك مَلكٌ.. فأنت على كل شيء قدير.. تجيب دعائي، وتحقق آمالي..

أحبك يا الله لأنك معي دائماً.. قريبٌ مني دائماً.. ألقاك حين أريدُ بلا حواجز ولا مواعيد.. أطلبُ منكَ ما أريدُ.. وبنعمتك يتحقق كل ما أريد.. بلا رسائل أو شكاوى أو معاملات.. لا يمنعني أي مانع عن الشكوى إليك.. ولا عن طلب كل ما أريد منك.

أحبك يا الله لأنك أكرمتني بأن خلقتني إنساناً - لست جماداً أصم.. لست حيواناً أعجمياً.. ما أكرمك حقاً.. لقد كرمت بني آدم على سائر المخلوقات، وأنا ممن كرمتهم بهذه الإنسانية.

أحبك يا الله لأنك الواحد الأحد.. لأنك الفرد الصمد، الذي يقضي لنا كل الحوائج، وييسر لنا كل المطالب.

أحبك حباً خالصاً صادقاً.. ولهذا فأنا أحب رسولك الكريم، الذي أرسلته لنا بالتوحيد، بالإسلام، والصلاة، والزكاة، والحج. والهداية، وهو البشير النذير.. وكيف نصلي لك، وكيف نؤدي حقك علينا ما استطعنا، أصلي ضارعاً راكعاً، ساجداً، لك وحدك لأني أحبك.. أحبك ولا شريك لك في الحب أبداً.. وأحب رسولك، لأنه حبيبك وحبيبنا.. نحبه ونتبع ما جاء به، ونترك ما نهى عنه؛ لأن في اتباعه توكيدا لحبك العظيم..

أحبك حباً أكبر، وأعظم، وأصدق، من حب أي شيء آخر.. أعظم من المال والأهل والولد، فالمال من عندك، والأهل والولد كلهم عبيدك، فلا يحق أن أحب عبدك أكثر منك.. ولا يحق أن أحب المال وأنت الذي تُعطينا هذا المال..

أحب رسولك الحبيب، لأنه الصادق الأمين، وكفانا فخراً - نحن المسلمين - أنه النبي الخاتم، أنه سيد الخلق والمرسلين.. أنه صاحب المقام المحمود، والدرجة العالية الرفيعة، أحب رسولك، لأنه وحده الشفيع لنا يوم لا أحد يملك الشفاعة.

أحبه بصدق لأنه هدانا إلى حقيقة وحدانيتك، وصدق تفردك، وأنك الله الذي لا إله إلا هو.. حقاً وصدقاً.

أحب رسولك - صلى الله عليه وسلم - لأنه هدانا بالإسلام إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم - فلم نكن من المغضوب عليهم - ولم نكن من الضالين.. لكننا من المؤمنين الموحدين.. أحبابك يا رب العالمين.

أحبك يا الله.. وأعمل كل ما استطعت مرضاة لك.. وعرفاناً بفضلك وشكراً لعطائك.. وحمداً على نعمك..

نعمك في كل شيء ظاهرة، في كل عمل مساندة، نعمك لا تحصى في الصلاة وفي الزكاة.. وفي الحج..

ما أعظمها نعمة أن نسجد لك وندعوك.. وتجيب لنا الدعاء، ولا يخيب عندك الرجاء.. هل بعد هذه نعمة؟

ما أكرمك.. تغدق علينا خيرك.. من غير حول منا ولا قوة.. ما أعظم الأرباح التي نحصل عليها.. بلا حساب.. وتتضاعف برحمتك! هل هناك ربح وكسب أعظم من قراءة القرآن الكريم.. كل حرف بحسنة.. أكثر من ثلاثة ملايين حسنة في القراءة الواحدة للقرآن.. وتصبح بفضلك عشرات الملايين.

ما أرحمك.. أنت بحق الحليم الصبور.. حليم صبور علينا وعلى خطايانا، لا تعاقبنا في رزقنا بما نرتكب من الذنوب.. صبور حليم.. مهما فعلنا من الذنوب وجئناك نادمين مستغفرين، نجدك الغفور الرحيم.. العفو الكريم.

ما أعظمك رأفة ورفقاً، وستراً وحماية وأمناً وأماناً، تقول - برحمتك.. (ادعوني أستجب لكم) ما أعظمك تأمرنا أن ندعوك، وتعدنا بالإجابة.. ما أعظمك.. قريب منا.. سميع لندائنا.. قلت وقولك الحق والصدق: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان).

ما أعظم حبك.. وما أعظم رحمتك بمن يحبك.. وما أسعدنا نحن الذين نحبك يوم القيامة حين تقول: (أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

إني أحبك يا الله حباً يملأ حياتي.. يوجه كل حركاتي.. وراء كل صلاتي وسجداتي وقراءتي ودعائي.. طول محياي.. وبعد مماتي..

وأحب رسولك الخاتم.. الذي هدانا إلى حبك.. وعلمنا صدق حبك..

اللهم زدني حباً في حبك.. وثبت حبك في قلبي، وروحي، وعقلي، وكل ذرات كياني.. وحب رسولك الكريم.. وحب كل من يحبك. هذا هو حالنا جميعاً نحن المسلمين.

إني لأدعو كل أخ مسلم.. صغير أو كبير.. أن يحبك.. وأن يعمل مخلصاً لك وحدك، وما يتطلبه صدق حبك أن يكون توحيده لك خالصاً.. أن تكون صلاته لك خاشعة مطمئنة، لا رياء فيها ولا استعجال.. أن يكون صومه المفروض والتطوعي تقرباً إليك وشكراً لنعمتك.. أن يداوم على ذكرك وشكرك.

ما أعجب بعض الناس.. لسانه لا يكف عن ذكر حبيبة له، ولا ينقطع فكره عن أمره مع من يحب - فكيف ذلك.. كيف لا تكون أنت وحدك سبحانك الحبيب الأحب الأوحد.. كيف أذكر غيرك؟ كيف ينشغل عقلي وقلبي ولساني بسواك.

يتكاسل بعض الناس عن الذهاب لصلاة الجماعة في بيتك؛ لينال رضاك وثوابك، متعللاً بالتعب، أو الحر، أو البرد.. ولو طلبت منه زوجته أو أحد أولاده شيئاً لخرج لتوه وأحضره مهما كان الجو حاراً، أو بارداً قارساً.

ناهيك عما لو كانت له حبيبة وأمرته بأي شيء.. سرعان ما ينفذه سعيداً.

لن يعصي لها أمراً لأنه يحبها، ولو كان معصية لها أو معها.

ما أجحد الإنسان.. ما أشد نكرانه لفضلك يا الله {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} يا الله.. أحبك بصدق فارحمني.. أحبك بحق فاغفر لي ما بدر من تقصيري وذنوبي.. واجعل كل عبادك في حبك العظيم، واملأ قلوبهم بحبك الكبير، وحب نبيك الصادق الأمين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد