انطلاقا من واجب المشاركة في الرأي وإظهار الجانب أو الأثر الاجتماعي على إيقاف المعسرين والمتعثرين في السداد من الجنسين ممن لا حول لهم ولا قوة ولا شك أن المعسرين في السداد شريحة ليست بالتي يستهان بعددها في هذا الوقت خاصة بعد ظروف وتقلبات اقتصادية حادة للعديد ممن تدنت دخولهم بعد موجات الغلاء المتلاحقة وهنا نقف حائرين بين حق من له حق مالي لدى الغير وحق المجتمع على المعسر والمتعثر في سداد الديون فبين هذا الذي أقحم نفسه فيما لا يطيق دخله ومستواه المادي من جهة وزيادة الأسعار للمستلزمات والمتطلبات الحياتية اليومية وبين حق التكافل الاجتماعي وما يجمع الأخوة في الدين تتلاحق التساؤلات حول من يعلو حقه على الآخر ومن الأحق بالنظر في مراعاة حاله. ولأن الإسلام دين الشمولية والموضوعية فقد أمر بإمهال المعسر في السداد والمستدين {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية، ومن جهة فإن إيقاف المتعثر في السداد لعدم وفاء الدين للآخرين قد يلحق به الضرر خاصة لمن يجوب العمل التجاري بالأسفار والمتابعة أو من يرتبط حصوله على المال بوقوفه عليه بحيث إن توقفه عن العمل يقلل من عائده المادي الذي يمكنه من إيفاء دينه فقد يكون عاملا بسيطا يستدر دخله من هنا وهناك فيكون في إيقافه ضرر عليه أو يسعى هو في تحصيل ماله المستدان من آخرين، فقد لا يوافق خاطر الكثير أن يقال إنه سجن فأعيد تأهيله فصلح حاله فأخرجناه فالناس تتأهل للحياة في حقول الحياة وليس في السجون أي أنه لا يوجد علوم بحتة يوفرها السجن للسجين لا تتوفر في خارجه والقصد أن صاحب الجناية ليس كصاحب الدين، ومن هنا فالمتعثر في السداد يمهل ويمهل لأن سجنه لا يعود على الدائن بشيء بل إن في بقائه وعمله وسعيه وراء رزقه فائدة أعم وأشمل لكلا الطرفين، إن محاصرة الأسباب التي تؤدي غلق أبواب الرزق والاسترزاق للمعسر من الأمور المعينة على تجنب آثار اجتماعية تترتب على غياب عائل الأسرة سواء أكان رجلا أو امرأة فالمستدين في ضيق وهم متواصل بقدر تواصل طلابه له وسائليه وإن كان هذا لا يعفي اليد الفارطة للدائن واستسهال الأمور في بدايتها وضيقه من عدم توفيقه واستصعاب خواتيمه عليه وعلى وضعه الاجتماعي والمالي وحري بالمسلم أن يكون قدوته رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فكان هو خير من أعطى وخير من أوفى ومن حفظ الأمانة وأداها وهو صلوات الله عليه وسلامه من استعاذ من الدين (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال) والله الموافق.