لو استشعر الأزواج قيمة الحوار وجماله لبكوا ندما على مسافات من الهجر طالت ورياح من القطيعة عظمت فالبيوت التي تنشأ على الحوار هي بيوت مستقرة مطمئنة يتمتع أفرادها بصحة نفسية وعاطفية ممتازة فالحوار متنفس قوي للمشاعر ويحمل في ثناياه رسالة جميلة مفادها: (أن الحب موجود والدفء العاطفي حاضر) إضافة إلى معاني الاحترام والتقدير ومع الحوار سيقضى على المشاكل في مهدها.
الحوار بين الترف والضرورة!
الطلاق في مجتمعاتنا وصلت نسبته لحد مخيف وبعد تتبع واستقصاء وجد أن السبب الأول والأهم هو انعدام الحوار المتحضر، أزواج وزوجات لم يتعودوا على فن الحوار ولم يتعلموا أصوله فكان الحصاد المر.. إذن فليدرك جميع الأزواج أن الحوار ليس خيارا ولا ترفا فلا ثمة بديل عنه إن أردوا حياة هانئة سعيدة.
من يبدأ؟
إن الزوجين مسؤولان عن إحضار هذا الغائب وترويضه بنفس النسبة، ولا يجوز أن يتنصل أحدهما من المسؤولية ويحاول أن يلقيها بالكامل على الطرف الآخر فلعبة (الإسقاط) حيلة الضعفاء ولنتذكر جميعا أن من يبدأ أولا هو الأقوى! فإن أردت أن يتغير وضعك أو أن يتغير الطرف الآخر فابدأ أنت بنفسك أولاً.
* وهنا أؤكد على أن (حسن النية) أمر في غاية الأهمية ولكنه لا يكفي! فكون أحد الزوجين محبا عاشقا مخلصا فهذا وحده لا يجلب فرحا ولا يصنع سعادة حيث إنه من المفترض أن نتعلم الأساليب والأدوات التي تنتج حوارا مفيدا جميلا.
في أي شيء نتحاور؟
* هناك داء تفشى في بيوتنا اسمه (الخرس الزوجي) وكأن الزوجين قد حرما نعمة النطق! والحوار لا يعني بالضرورة أن يكون على أمور ذات شأن فلا مانع من أن يكون الحوار ابتداء بتعليق على أحداث اليوم أو مناقشة برنامج تلفزيوني أو استدعاء ذكريات جميلة وانتهاء بمشكلات الصغار والتعبير عما يزعج إضافة لأهداف الأسرة وطموحاتها.
وليس الذكر كالأنثى
على الزوج أن يتفهم حاجة الزوجة للكلام، ويستوعب حاجتها لأذن صاغية وقلب متعاطف ولسان رقيق وعلى الزوجة أن تدرك أن الحوار لا يأتي بالقوة لذا يجب على الزوجة ألا تجبر زوجها على الحديث حال عدم استعداده، وألا تسيء تفسير موقفه هذا.
بداية جميلة = نهاية جميلة
لا يخلو أحد من صفات حسنة وايجابيات فما أجمل أن يريد أحد الزوجين أن يناقش الشريك حول خطأ معين وقع فيه فمن غير المستحسن أن يبدأ بالسلبيات فهذا مما يقفل باب الحوار ويثير النفوس.. وليكن الحديث عن الجانب الخير أولاً، فهذا يمهد لسماع الملاحظات وتقبلها السلبي
متى نتحاور؟
للأسف أن الخطأ الشنيع الذي يقع فيه الزوجان هو عدم اختيار الوقت المناسب للحوار فجل الحوارات للأسف تتم وهما في حالة شعورية غير مستقرة صاحبها انفعال وتوتر وهذا كفيل بقتل الحوار في مهده وإشعال نيران الخصام, وأنسب وقت للحوار هو وقت سكينة النفوس وصفائها.
خطر
* أخي الزوج أختي الزوجة لا تدخلا الحوار كما لو كان معركة يجب أن تنتصرا فيها وتفحما المقابل، فإذا وقعت على محاورك وقد أخطأ فلا تستفزك شهوة النصر بتعجل إظهار ذلك حيث أن هذا الأسلوب مهين له وغالبا لن يغفر لك هذا الجرح وعليك بنصحه ومعالجة الخطأ بحكمة ورفق.
روح الحوار!
* إن مشكلة المشاكل وأساس المصائب هي عدم إتقان مهارة الإنصات فهناك اندفاع أرعن وشهوة عارمة نحو الكلام ومقاطعة الآخر قبل أن يعبر عن رأيه وينفس عن مشاعره وفي الحوار المتحضر لا بد من الإصغاء إلى الشخص الآخر والتفاعل معه بكل الجوارح.
قاعدة مهمة
من القواعد والمفاهيم الأساسية التي يجب أن يتحلى به كل زوجين قبل الشروع في أي حوار هي قاعدة (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)، قد نختلف نعم، لكننا نختلف لأن هذه طبيعة البشر (ولا يزالون مختلفين) وجميعنا نريد مصلحة الأسرة، وما دام في الأمر مصلحة فالود واجب مهما كان حجم الاختلاف
الخريطة ليست الواقع
يقول الدكتور عبدالكريم بكار عن المحاور المتمدن (إنه لا يحرص على إقناع صاحبه برأيه ليتبناه إنما يقوم بإضاءة نقطة مظلمة وتوضيح قضية غامضة...) فلا تجزم بخطأ الآخر وأحفظ ماء وجه الشريك ومهد له خط العودة واحذر محاصرته وشجعه على الاعتذار مثمنا شجاعته وتذكر دائما أن للحقيقة أكثر من وجه والخريطة في أحيان كثيرة ليست الواقع.
ومضة قلم
ليس القوي من يكسب الحرب دائما وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244
khalids225@hotmail.com