Al Jazirah NewsPaper Friday  11/07/2008 G Issue 13070
الجمعة 08 رجب 1429   العدد  13070
الرؤى والمنامات
التكلف في التعبير
عايض بن محمد العصيمي

تأملوا جميعاً هذه القصة العجيبة.. يروى أن بعض الخلفاء قال لمعبر للرؤى (إني رأيت أن جميع أسناني سقطت)، فقال له: (جميع أقارب مولانا أمير المؤمنين يموتون)، فتغير من ذلك حاله، واستدعى غيره وقص عليه الرؤيا، فقال له: (إن صدقت رؤيا مولاي فإنه يكون أطول عمراً من أقاربه)، فأقبل عليه وأحسن إليه، علماً أن المعنى واحد.

بعد هذه القصة - معاشر القراء - أستميحكم عذراً أن نتأمل نماذج من تعبير معبري زماننا هذا وتكلفهم وتعسفهم في التعبير إلا من رحم ربي، منهم من أدخل الهم والغم على قلوب الناس وأفسد البيوت والدور على أصحابها - والعياذ بالله- بمثل هذه العبارات: (تصاب بمرض لا تشفى منه، تطلق زوجتك، زوجتك أو أختك فاسقة فاسدة، فلانة أو فلان قد سحركم، يموت ابنك أو قريب لك..)، وبعضهم علق الناس بأشياء مبدؤها الوهم ونهايتها الوهم سراب بقيعة يحسبه الرائي حقيقة: (ولد اليوم المهدي المنتظر، تفتح القدس وتحرر في الوقت الفلاني)، وجاء اليوم الموعود ولم يقع شيء! أو (ستعيش ثراء في حياتك) وما زال ينتظر الثراء والفقر يضرب في عظامه ليلاً ونهاراً، أو (تموت شهيداً في سبيل الله، أو أنت ولي صالح لله تعالى، أو يكون ابنك إماماً للحرم أو أنت تكون إماماً للحرم). والأعجب من هذا كله -أخي- أن بعضهم أصبح يوزع وظائف مجانية على خلق الله، فيقول: (تكون وزيراً، أو على مرتبة ممتازة، أو مديراً، أو رئيساً.. إلى غير ذلك)، وقد يكون ما سبق حقاً وصدقاً وقوعه لكن لا ينبغي التكلف في ذلك وتعليق الناس بها تعلقاً زائداً عن حجمه، فنحن أمة وسط.

ولا أخفيكم سراً إنني - والله الذي لا إله غيره - قابلت أكثر من شخص قصَّ عليَّ رؤية تخصه فعبَّرتها له بما فتح الله به عليَّ -مع ضعفي وقلة حيلتي- إلا أنه يقول معترضاً: فلان عبَّرها لي أنني أكون إماماً للحرم. فتعجبت ليس للتعبير ذاته، بل لأن فلاناً هذا المعبر قد عبر بالجملة لأناس كثر أنهم يكونون أئمة للحرم، فسبحانك ربي ما أكرمك! وقاصمة الظهر أن بعضهم يدعي أنه هو الوحيد في التعبير الذي لا يضاهى ولا ينازع بل ويقسم على تعبيره وصوابه إيماناً مغلظة، ولو قيل عبرها فلان لوجدت التنقص في خلق الله تعالى من فلان هذا حتى يعبر هذا التعبير؟!! ومع هذا قد يغتر ويجرأ بعضهم ويقول لو شئت لك أن استقبل القبلة وأقسم على ما عبرت صواباً لفعلت، وذلك من قوة إصابته للحق والصواب كما يزعم.. حتى وإن كان مصيباً فهذا كله لا ينبغي أن يتحلى به من كان مسلماً فضلاً أن يكون طالب علم.

أخيراً وليس آخراً.. كل ما مرَّ معنا إيضاح أتمنى أن يكون واضحاً جلياً في بيان بطلان تكلف من سلك هذه الطرق في التعبير والتأويل للرؤى، ووالله إنني لا أقصد أحداً بعينه لكنني أقصد ذات المنهج الخاطئ.. أخيراً: أختم مقالتي هذه مما ذكره ابن قتيبة بقوله: (يجب على المعبر التثبت فيما يرد عليه، وترك التعسف، ولا يأنف من أن يقول لما أشكل عليه لا أعرفه، وقد كان محمد بن سيرين إمام الناس في هذا الفن وكان يمسك عنه أكثر مما يفسر). أصلح الله لنا السرائر والظواهر وجعلنا صالحين مصلحين.

وقفة: (يأكل جراداً مشوياً)

رأى شخص أنه يأكل جراداً مشوياً في منامه، فقال له من فسرها: تكسب مالاً عن طريق امرأة تعرفها زوجتك وتتقاسم هذا المال أنت وزوجتك.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9702 ثم أرسلها إلى الكود 82244




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد