د. حسن الشقطي
أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع عند مستوى 8998 نقطة خاسراً حوالي 469 نقطة عن مستوى الأسبوع الماضي، وتأتي هذه الخسارة في ظل الهبوط القوي الذي أصاب المؤشر يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، والذي خسر خلالهما حوالي 519 نقطة، وهي خسارة مرتفعة نسبيا مقارنة بتداولات المؤشر منذ بداية العام.
وقد خسر سهم سابك هذا الأسبوع حوالي 9% رغم عدم وجود مؤثرات حقيقية أو سلبية تجاه السهم، بل لا تزال التكهنات تزداد
بنتائج إيجابية للسهم. ومن المستغرب فقد جاءت معظم مبررات المحللين والمتابعين للسوق تدور حول أن أزمة الملف النووي الإيراني وزيادة التوتر الأمني بالمنطقة تعتبر السبب الرئيسي وراء هذا النزول.
فهل فعلا هبوط هذا الأسبوع ناجم عن مخاوف أمنية أم لا يزال هناك من يفتعل هذه المخاوف لأغراض ترتبط بالسوق والمتعاملين فيه؟ ومن جانب آخر، فقد شهد السوق أمرا غير معتادا وهو كسر سهم المملكة لحاجز العشرة ريالات وأيضا لقيمة إصداره، بشكل بات يسبب قلقا من كسر العديد من الأسهم الأخرى لحاجز العشرة ريالات بشكل مشابه.
توجهات للنزول خلال الشهر الأخير
تحركات هبوط سوق الأسهم المحلي لا تبدو مستغربة لأنه منذ إدراج الإنماء وهو يسير في مسار أفقي أقرب للهبوط منه للصعود، وقد انكسر هذا المسار لأسفل أكثر من مرة منذ مستويات 9777 ليدلل على توجهات حقيقية للتراجع من قبل صناع السوق. إن المشكلة الحقيقية بالسوق لم تعد تدور حول: ما هي توجهات هؤلاء الصناع؟ بقدر التساؤل عن من هم هؤلاء الصناع؟ وهل يمكن الاطمئنان إلى مساعيهم؟ وهل هذه المساعي في صالح السوق أم لا؟.
الإمساك بالأزمات العالمية أصبح مبرراً غير مقبولاً
لا يزال الحديث عن توتر الأوضاع الأمنية بمنطقة الخليج ساريا كسبب لتبرير الهبوط القوي لسوق الأسهم، ورغم اعترافنا بأن هذه الأوضاع مقلقة فعلا، إلا أنه مع ذلك يمكن القول إنه يتم الإمساك بهذه الأوضاع لتبرير الهبوط أكثر من كونها سببا حقيقيا في الهبوط.. إن السوق السعودي يعتبر من أكثر الأسواق حساسية لأوضاع سوق الأسهم ذاته، وأقلها حساسية لأوضاع أو أزمات عالمية.. بل من المعتاد أن يستغل صناع السوق فيه كل صغيرة وكبيرة لتكديس وتفريغ عملياتهم المضاربية بهدف جني أرباح غير عادية.. وقد يقول قائل إن الهبوط جاء أيضا عاما على مستوى غالبية البورصات الخليجية.. إلا أننا نقول إن الهبوط في السوق السعودي غالبا هو الذي يدفع الأسواق الخليجية الأخرى للهبوط.. أي أنه يعتبر قائدا وليس تابعا، ومن ثم فلا أثر حقيقي للأسواق الخليجية لتراجع السوق السعودي. بل الغريب أن تعاملات البورصات العالمية لم تشهد خلال يومي الثلاثاء والأربعاء اضطرابا أو تراجعا يمكن التعويل عليه في تراجع السوق السعودي.
هبوط سابك بنسبة تفوق نسبة هبوط المؤشر
قد يقول قائل إن الهبوط جاء يوم الأربعاء عاما على مستوى معظم أسهم السوق، إلا أننا نقول إن الهبوط جاء بقيادة هبوط أكبر في سهم سابك الثقيل، وبالتالي فإن هبوط بقية الأسهم يعتبر أمرا عاديا. بل إن هبوط سابك بنسبة تفوق هبوط المؤشر ليدلل على أن هناك نية فعلية لتخفيض قيمة مؤشر السوق ولكسر مستويات الـ9000 نقطة.
صناع المضاربة بالسوق يستغلون ولا يصنعون
رغم معرفة أن كبار المضاربين الأفراد أو الشركات المالية المستقلة أو حتى صناديق الاستثمار (والتي يمكن تسميتهم بصناع المضاربة) جميعهم لا يؤثرون أو لا يمتلكون التأثير القوي لتضخيم أو تخفيض قيمة مؤشر السوق بالشكل الذي يصل إلى مستوى الـ780 نقطة، إلا أنها في ذات الوقت تمتلك القوة للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف نتيجة سعيها للاستفادة من الأهداف التي يسعى إليها الصناع الحقيقيون للسوق.. فمثلاً لو كان هناك هدف لتخفيض قيمة المؤشر بنحو 1000 نقطة يسهل على صناع المضاربة تلمس هذا الهدف، وبالفعل وسريعا يستجيبون بالمساعدة في تحقيقه واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من ورائه. لذلك، ينبغي معرفة أن كل هبوط سينقلب في وقت معين إلى ارتداد فصعود ثم أرباح غير عادية لمن امتلك الحس المضاربي وقام بالشراء في اللحظة المناسبة.. إن المعضلة الكبرى تتمثل في: هل هذا هو الهبوط الأخير أم لا يزال هناك بقية هبوط؟ للأسف لسوء الحظ لا التحليل المالي ولا التحليل الفني يمكن أن يكون مجديا في الإجابة على هذا
التساؤل في كثير من الأحيان، ومنها الوقت الحالي.
*محلل اقتصادي
hassan14369@hotmail.com