الرياض - صالح الفالح
أكد السفير التركي في المملكة العربية السعودية ناجي كورو متانة العلاقات السعودية التركية وتطورها إلى أطر ومجالات متعددة تجاوزت العلاقات السياسية إلى مجالات الاقتصاد والثقافة.
وأضاف السفير التركي في حديث للجزيرة أن زيارتي خادم الحرمين الشريفين إلى تركيا قد أسهمتا في تأصيل وتطوير تلك العلاقة، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية احتلت موقعاً مميزاً لدورها البناء ومبادراتها المتميزة على صعيد المنطقة وعلى الصعيد العالمي أيضاً، مشيراً إلى أن حوار الحضارات والحوار بين الأديان يحتل المواقع الأولى في الاهتمام.
وقال السفير التركي: إن تركيا ترتبط بأوثق العلاقات التاريخية والدينية والاجتماعية والثقافية مع المملكة العربية السعودية حيث تشكل هذه العلاقات أرضية خصبة لتطور هذه العلاقات ونمائها. وتتطلع تركيا إلى تمتين هذه العلاقات مع المملكة العربية السعودية حيث أظهرت الإرادة السياسية لقيادة البلدين عزماً ثابتاً لتطوير أواشج الأخوة والصداقة بشكل كبير.
مضيفاً سروره بما وصلته هذه العلاقات من مراتب متميزة، وقال: قد أدى استلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمقاليد الحكم في المملكة إلى الوصول بهذه الوشائج إلى قمتها. وقد شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين التي تحققت عام 2006 منعطفاً مهماً باعتبارها أول زيارة لقيادة البلد إلى تركيا منذ أربعين عاماً وكان لهذه الزيارة أثرها الملموس في ترسيخ الأطر المؤدية إلى تقوية العلاقات والوصول بها إلى الذروة.
لقد أمر خادم الحرمين الشريفين إثر هذه الزيارة وفي اجتماع لمجلس الوزراء السلطات المختصة بتطوير هذه العلاقات على مختلف الأصعدة وما كانت الزيارة الثانية له بعد أقل من عام على الزيارة الأولى إلا أبلغ دليل على رغبته الأكيدة في تنمية العلاقات مع الجمهورية التركية.
وتشهد العلاقات بين البلدين نمواً مضطرداً وترسخت بجملة من الزيارات المتبادلة بين البلدين وعلى أرفع المستويات مما يدل على نمو العلاقات السياسية بين البلدين، فقد قام دولة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ومعالي وزير الخارجية علي باباجان بزيارتين إلى المملكة وقام دولة رئيس المجلس الوطني التركي الكبير كوكسال طوبطان بزيارة هي الأولى من نوعها إلى المملكة، كما قام فخامة رئيس الجمهورية عبد الله جول بزيارات متعددة إلى المملكة أثناء توليه منصب وزير الخارجية إضافة إلى العديد من الوزراء وكبار المسؤولين وفي الفترة نفسها فقد قام العديد من الوزراء السعوديين وأعضاء مجموعة الصداقة السعودية - التركية في مجلس الشورى السعودي بزيارات إلى تركيا إضافة إلى زيارات خادم الحرمين الشريفين الآنف ذكرها.
وأكد السفير التركي أن المملكة العربية السعودية قد احتلت موقعاً متميزاً لدورها البناء ومبادراتها المتميزة على صعيد المنطقة وعلى الصعيد العالمي، فقد أدت هذه السياسات إلى احتلال المملكة لموقع بارز في المجتمع الدولي حيث شهد الرأي العام تحولاً بارزاً في السياسة السعودية على مختلف الأصعدة بتحقيقها أكبر مقومات النجاح في الدعوة إلى التعايش والسلم واستقرار المنطقة. كما أن انتهاج المملكة لسياسة متوازنة باعتبارها من أكبر مصدري الطاقة قد قوبل بالارتياح والتقدير، من ذلك لعب المملكة للدور الريادي في اجتماع الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة والذي انعقد في شهر يونيو المنصرم في مدينة جدة. إن أكبر وأقوى قطرين في المنطقة والمتمثلتين بالمملكة العربية السعودية وتركيا واللذين ينتهجان سياسة بناءة ومتوازنة قد تعاونا في أطر السياسة الخارجية مما أدى إلى ثبات هذه السياسة بتوجيه يخدم الاستقرار والسلم في عموم المنطقة.
مضيفاً أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتنشيط حوار الأديان تستقطب الاهتمام حيث تحتل حوار الحضارات والحوار بين الأديان المواقع الأولى.
ومما يؤسف له في عالمنا الحاضر تأجيج الصراعات الدينية والحضارية من بعض الناس وتوجه الصراع إلى منحنى العنف والتصادم مما يشكل خطراً بارزاً على التعايش والسلم العالمي، كما أن من الأمور المؤسفة ربط الإسلام بالإرهاب والعنف مما ولد خوفاً من التوجه الإسلامي الصحيح. ونعتقد أن من أهم مقومات التواصل هو نبذ التطرف وتطوير الحوار الحضاري والديني على أسس متوازنة.
وقد اختتم السفير التركي حديثه بالتأكيد على أن البلدين المسلمين الكبيرين، تركيا والمملكة العربية السعودية يضطلعان بأعباء وواجبات كثيرة في هذا المجال، وقد أولت تركيا من هذا المنطلق أهمية كبيرة للحوار حيث يتولى دولة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مع نظيره الإسباني خوزيه ماريا أزنار الرئاسة المشتركة لمشروع تفاهم الحضارات ونعلم ما توليه المملكة العربية السعودية من أهمية لهذا التوجه. ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن اجتماع الحوار الإسلامي العالمي الذي انعقد بدعوة من رابطة العالم الإسلامي وبرعاية خادم الحرمين الشريفين بتاريخ 4-6 يونيو 2008 يشكل خطوة هامة في الاتجاه الصحيح ونرى أن جهود تركيا والمملكة واللتان توليان الحوار والتواصل أقصى الاهتمام كفيلة بالحد من الصراع الحضاري مما سينتج عنها مستقبل مشرق لعالمنا وللمنطقة برمتها.