إن الإدمان يجعل المدمن عبداً لمخدر ومن يملكه، وتتضح هذه العبودية بشكل صارخ عند إدمان الإنسان للحشيش وجميع أصناف العائلة الأفيونية، وهي المخدرات التي مصدرها الأساسي مادة الأفيون المصنعة من نبتة الخشخاش، وأشهر أصناف هذه العائلة الأفيون، المورفين، الكودايين، الهيرويين، المثادون وغيرها.. والحشيش قوته التخديرية عالية جداً، وبالتالي فإن (الخرمة) منه صعبة جداً على المدمن، و(الخرمة) هي التسمية الشائعة بين المدمنين للآثار الانسحابية للمخدر من جسم المدمن، وبالتالي فإن كلمة (خرمان) تعني أن المدمن في حاجة ملحة للمخدر..
إن إدمان المخدرات وخاصة الحشيش يقضي على كثير من المبادئ الأساسية في حياة الإنسان ويقلل كم العيب في حياته بدءاً بالكذب إلى السرقة والنصب وفي كثير من الحالات مرت علي رأيت من يتساهل بغيرته على أهل بيته، أتذكر أحد المدمنين عندما لم يكن عنده ما يشتري به المخدر ويوفره لنفسه.. لجأ إلى أن يستضيف المروجين أو من يستطيع توفير المخدر للتعاطي في بيته ويحث زوجته المسكينة على القيام بخدمة هؤلاء الأنذال.
وما يجب أن يذكر أن الزوجة الشريفة التي ليس عندها استعداد وبنت ناس لا يمكن أن تطاوع زوجها المدمن مهما حاول معها، لكن الزوجات اللاتي يجارين أزواجهن المدمنين في تهيئة الأجواء لمن يملكن المخدر في بيوتهم بالأساس عندهن الاستعداد للفساد.
أتذكر أن صديقا لي كان من أكثر المرحب بهم عند هذا الديوث وذلك لمقدرته على توفير المخدر وكرمه معه، حتى أنه في كثير من الأحيان كان يترك البيت بحجة انشغاله بالخارج مع حرصه على إخباره (فيقول له خذ راحتك البيت بيتك سوف أعود بعد ساعتين أو أكثر).
ويترك زوجته الساقطة وحدها مع صديقي هذا وهي في ملابس لها من الإيحاءات الشيء الكثير، ولكم أن تتخيلوا ما يمكن أن يحدث في هذه الأجواء القذرة.. ولقد كانت تلك الزوجة الساقطة تحرص على أن تأخذ ما تستطيع من المخدر من الضيف بإيحاء من الزوج الديوث.
كذلك أتذكر أنني تعرفت على أخوين وأصبحا من أصدقائي المقربين، كل على حدة، ولما كانت جميع الروابط لا تصمد أمام عبودية المخدرات فإن أحد الأخوين كان يعتبر من المروجين الكبار يمتنع عن إعطاء أخيه الخرمان ليس خوفاً عليه ولكن لأنه لا يملك الثمن وكنت كثيرا ما أتدخل عند الأخ المروج لإعطاء الأخ الخرمان جرعة تخفف آلام الآثار الانسحابية.
نعم هذا هو الحشيش يقتل كل إحساس جميل في الإنسان وحتى بين المدمنين يكون أحدهم يتعاطى والآخر ينظر إليه وهو في غاية التعب والإعياء ينتظر أن يحن عليه ولو بشيء قليل من السيجارة وغالباً هذا لا يحصل ولذلك فإن أغلب المدمنين بينهم من الأحقاد الشيء الكثير وأغلبهم يتمنى الإيقاع بمن حوله.
إخواني وأخواتي القراء:
وبالنسبة لمسيرتي الإدمانية لقد كان المصدر الرئيسي لي وللكثير من المدمنين هو (بوص) وإن كنت قد تعرفت على غيره ولكن هو المصدر الرئيسي حتى أنه أصبح في حكم الصديق، حتى فوجئت ذات يوم بأن (بوص) قد ضبط من قبل رجال المكافحة بعد كمين نصب له في بيت من كان يعتبر من أقرب أصدقائه حيث كان الاتفاق مع ذلك الصديق على تسلمه كمية من المخدرات مقابل مبلغ معين وعند التسليم وفي إحدى غرف بيت ذلك الصديق خرج رجال المكافحة من خلف ستائر الغرفة نفسها التي أعدت للكمين وهذا الأمر يدلل على أشياء عدة الأول أن الخطأ لا بد أن ينتهي إلى هذه النهاية وكذلك هذا الكمين يثبت أنه لا صداقات حقيقية في عالم المخدرات، بل حتى الأخوة لا تصمد أمام أسر المخدرات، وهذا ما حصل حتى اتصل (بوص) بعد الكمين بأخيه لإحضار بقية الكمية التي عنده إلى مكان الكمين دون تردد.
لاحقاً حكم على (بوص وأخيه) من قبل المحكمة بأربع سنوات (لبوص) وسنتين للأخ.